المقالات

الايوبيون الكُرد ودورهم في ارجاع مصر الى حاضرة السنة

أ.د. فرست مرعي

   الأيوبيون إحدى الأسر الإسلامية التي حكمت المشرق الإسلاميلأكثر من ثلاثة أرباع القرن اعتبارا من ٥٦٩هـ / ١١٧٤ م ولغاية٦٤٧هـ / ١٢٥٠م. وهم ينتمون من ناحية الأصل الى الجنسالكردي، ذلك الجنس الذي يقع موطنه في قلب الأحداث التيعاصرت المشرق الإسلامي إبان عصر الحروب الصليبية، فكان لهمدور لا يستهان به مع أشقائهم من الترك والعرب ومن ثم العمل علىتحرير المشرق الاسلامي منهم.

وأما بخصوص الجذور التاريخية للأيوبيين فهم ينتسبون الى أيوببن شادي من بلدة دوين الواقعة عند آخر حدود إقليم أذربيجانبالقرب من مدينة تفليس في ارمينيا(= عاصمة جورجيا الحالية)،وجميع أهل ذلك البلد من الكرد الروادية إحدى بطون قبيلة الهذبانية،وهذه القبيلة من اشرف الأكراد ولم يجر على احد منهم الرق.

غير أن بعض الكتاب من القدامى والمعاصرين ادعى بان الأيوبيينينتمون الى الجنس العربيوبالتحديد هم من نسل شادي بنمروان بن محمد آخر الخلفاء الأموييناستنادا الى الرواية التيذكرها ابن أبي طي بن المعز بن سيف الإسلام أبا الفدا اسماعيلبن طغتكين بن أيوب ملك اليمن (٥٩٣ – ٥٩٨هـ / ۱۱٩٧ – ۱۲۰۲م) ادعى انه من بني أمية وعزم على إعادة الخلافة الى بني أمية،فاتخذ لنفسه لقب خليفة وذلك بهدف إضفاء الشرعية على حكمه،غير أن عمه الملك العادل ابو بكر نفى هذا الادعاء وصرح انه منأصل كردي. وفي رواية لابن خلكان قال: ليس لهذا الأصل أصلا

بينما ادعى المؤرخ الروسي“فلاديمير مينورسكي” (1878 1966م) بان للأسرة الأيوبية صلة بالأصول القوقازية والإيرانية، وانوالد صلاح الدين وعمه عندما قدما الى العراق لم يكونا من البدووانما كانا يحملان معهما خبرة في الشؤون السياسية والإدارية فيبلاد متحضرة.

وكان المقريزي حاسما في رده على المحاولات التي سعت الى قطعالصلة بين الأيوبيين وأصلهم الكردي والاكتفاء بالأصل العربي بقوله: وهذه أقوال الفقهاء ممن أراد الحظوة لديهم لما صار الملك اليهم”.

وفي بداية القرن السادس الهجري/ الثالث عشر الميلادي تحركشادي جد الأسرة الأيوبية قاصدا العراق، حيث اتصل بالسلجوقيينفي عهد السلطان مسعود غياث الدين محمد بن ملكشاهالسلجوقي فعينه شحنة  بغداد مجاهد الدين بهروز الخادم دزداراًلقلعة تكريت، وفي رواية ان بهروز الخادم عين نجم الدين أيوب بنشادي محافظا لقلعة تكريت. وقد اختلف المؤرخون حول مكان ميلادابني شادي (نجم الدين أيوب) و (أسد الدين شيركوه)، وهذا ناتجمن عدم تحديد المؤرخين والبلدانيين لموقع بلدة دوين وهل تقع ضمنحدود إقليم أذربيجان من ناحية الشمال، أو أن دوين تقع فيأرمينية على أساس أن بعضهم يضع منطقة الران ضمن حدودالاقليم الاخير، وهذا ما دعا احد الباحثين الكرد الى جعل دوينالواقعة في شمال اربل (اربيل) مسقط رأس الأسرة الأيوبية لاسبابمعروفة لا تخفى على الباحثين،  علما بان هذه المنطقة تقع ضمنحدود الجزيرة وليس ضمن إقليم أذربيجان وفق كتابات العديد منالبلدانيين المسلمين، فضلا عن ذلك ان البلداني الشهير ابن حوقل” (ت367هـ) ذكر أن المناطق الواقعة بين الزاب الكبير والزابالصغير تتميز بمراعيها الكثيرة وصناعتها العامرة وقد اتخذهاالأكراد الهذبانية ديارا لهم ولحيواناتهم …”على أساس أنها مثلبقية القبائل الكردية في تلك الفترة والى منتصف القرن الرابع عشرالهجري/ العشرين الميلادي كانت تمتهن حياة البداوة والتنقل بينالمصايف (= زوزان– كويستان ) في الشمال أي مناطق أرمينياوأذربيجان وإقليم الران (المشاتي) في الجنوب أي مناطق الجزيرة. ولا حاجة لسرد الأدلة التي تثبت بان الأسرة الأيوبية على أساسانتمائها الى القبيلة الهذبانية كانت ديارها الأصلية تقع في إقليمالجزيرة (ديار الكرد ضمن ما يسمى الآن كردستان العراق)، وانبعض بطون هذه القبيلة قد انتقلت أثناء رحلة البدو المعروفة الىإقليم الران الذي يقع بين إقليمي أذربيجان وأرمينية واستقروا هناكلسبب أو لآخر.

ومهما يكن من أمر فان رواية أخرى لابن ابي طي تثبت بأن أيوبا قدخدم السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي وانه اقطعه تكريتوفاء لأمانته، ولما ولي السلطنة السلطان مسعود بن ملكشاه منحتكريت كإقطاع  “لبهروز الخادم شحنة بغداد، فاقر هذا نجمالدين أيوب مستحفظا لها وأضاف اليه النظر في جميع المناطقالمتاخمة لها. وفي تلك الأونة كانت الصراعات على أشدها بين أولادالسلطان ملكشاه بن ألب أرسلان” وأحفاده حول السلطة والنفوذعلى مقدرات الخلافة العباسية

إذا كانت الأوضاع في الدولة السلجوقية قلقة نتيجة المنافساتوالصراعات المستمرة بين أفراد البيت السلجوقي، وهذا ما ألقىبظلاله على أحوال الأسرة الأيوبية أيضا، لان عماد الدين زنكي بـناقـسنقر اتابك الموصل تحالف مع السلطان السلجوقي مسعود بنملكشاه وهاجما بغداد معاً عام ٥٢٦هـ، غير أنهما اندحرا أمامقوات الخليفة العباسي المسترشد بالله( 521 529هـ ) ، أما عمادالدين زنكي فتقهقر باتجاه تكريت الواقعة شمال بغداد بموازاةالضفة الشرقية لنهر دجلة، فاستقبله حاكمها نجم الدين أيوبوأكرم وفادته وقدم له السفن اللازمة لعبوره الى الضفة الغربية لنهردجلة، ومنها يستطيع السير باتجاه معقله في الموصل، وترتب علىهذه المساعدة نتائج بالغة الأهمية على مستقبل الأسرة الأيوبية لأنهاكونت لها حليفا قويا يمكن الاعتماد عليه، ومن جانب آخر اغضبت هذه الحادثة بهروز الخادم حليف الأسرة القديم الذي عد مساعدةأيوب الزنكي خروجا على السلطة في بغداد.

وفي الوقت نفسه حصلت حادثة استبدت القلق ببهروز وزادت منمخاوفه وهي قتل أسد الدين شيركوه أخي نجم الدين أيوب احدمماليك بهروز من (النصارى) بسبب اعتدائه على امرأة واستغاثةالمرأة به، فطلب منهم الأخير الخروج من تكريت وشاء القدر أن يولدلنجم الدين ولد في تلك الليلة من سنة ٥٣٢هـ سماه يوسف (صلاحالدين).

وهكذا خرج الأخوان الى الموصل قاصدين الأتابك عماد الدين زنكيالذي رحب بهما وعرف قدرهما ردا لجميلهما القديم، واقطعهمااقطاعات كثيرة، ومن ذلك الوقت انخرطا في حاشيته وأصبحا منالمقربين لديه، ولما فتح زنكي قلعة بعلبك سنة ٥٣٣هـ وانتزعها منأيدي الصليبيين، اسند حكم بعلبك الى نجم الدين أيوب، ولم يزلواليا عليها الى أن قتل عماد الدين زنكي أمام قلعة جعبر عام٥٤١هـ.

وهكذا تربى يوسف صلاح الدين في بيت عرف العز والمجد وتربىمنذ نعومة أظفاره على حياة الجندية والفروسية، فانتقل نجم الدينأيوب الى خدمة معين الدين انر حاکم دمشق، بعد أن شعربحراجة موقفه بعد أن حاصره حاكم دمشق في قلعة بعلبك وطالبهبتسليمها اليه في الوقت الذي أحجم سيف الدين غازي الذيخلف والده عماد الدين زنكي في حكم الموصل عن مساندته، لذااضطر الى تسليم القلعة الى معين الدين أنر مقابل تعويضه اقطاعاجيدا في دمشق مع مبلغ كبير من المال ، ولم يلبث أن أصبح منالمقربين لديه حتى وصل الى منصب القائد العام لقوات دمشق،وكان له اثر كبير في إنقاذ دمشق من السقوط أثناء الحملة الصليبيةالثانية عام ٥٤٣هـ التي استشهد فيها ابنه شاهنشاه .

اما أخوه أسد الدين شيركوه قد اتصل هو أيضا بنور الدينمحمود بن عماد الدين زنكي في حلب الذي قربه ومنحه اقطاعانوجعله مقر جيشه نظرا لشجاعته وجرأته في الحروب، حيث يذكر ابنشامة عنه ما نصه: فقر به نور الدين واقطعه، وكان يرى منه فيحروبه و مشاهده آثارا يعجز عنها غيره لشجاعته وجرأته. ولذااقطعه مدينتي حمص والرحبة. وقد شارك شيركوه في جميع الحروبالتي قام بها نور الدين ضد الغزاة الصليبيين، كما كان له اثر كبيرفي سيطرة نورالدين على دمشق وانتزاعها من آل أنر بالتنسيق معشقيقه نجم الدين أيوب عام ٥٤٩هـ، فعين نجم الدين أيوب واليا علىدمشق، وعين أسد الدين شيركوه حاكما على حمص ونائبا عنه فيدمشق، وعندما مرض نور الدين وخشي على نفسه أوصى بانتسند ولاية دمشق لشيركوه .

وعندما استنجد شاور وزير الخليفة العبيدي العاضد بنورالدین،اختار شيركوه على رأس الجيش المتوجه الى مصر، وقد صحبه ابنأخيه صلاح الدين في هذه الحملة وفي الحملات الأخرى واثبت قدرةوشجاعة وحنكة سياسية وبعد نظر ، فأهلته هذه الصفات الى أنيتبوأ منصب الوزارة عند الخليفة العبيدي (الفاطمي) العاضد سنة٥٦٤هـ بعد وفاة عمه شیر کوه .

تولي صلاح الدين الوزارة العبيدية (الفاطمية) في مصر تعد توليةصلاح الدين لمنصب الوزارة العبيدية (الفاطمية) صفحة جديدة فيتاريخ الشرق الأدنى الاسلامي اثبت فيها قدرة وكفاءة وشجاعةوحزماً مكنته من القضاء على مختلف المشكلات والمعوقات التيواجهته قبيل توليه هذا المنصب او أثنائه، مما مكنه من العمل بكلجد وإخلاص لتنفيذ المهمة الملقاة على عاتقه، وهي جر مصر منجديد الى خانة الخلافة العباسية السنية والقضاء على الدولةالعبيدية الباطنية التي كانت تعيش في حقيقة الأمر أيامها الأخيرةعلى وقع دسائس وزراء وموظفي البلاط العبيدي واستنجادهمبالصليبيين بين الحين والآخر.

فمنذ لحظة وفاة أسد الدين شيركوه تطلع كثير من الأمراء النوريةالذين رافقوا الحملة الشامية الى مصر الى منصب الوزارة مثل:قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، وعين الدولة الياروقي، وشهابالدين محمود الحارمي خال صلاح الدين، وسيف الدين احمدالمشطوب الهكاري الكردي.

في حين ظل صلاح الدين في الظل صامتا، لكن جاءته المساندة منالفقيه عيسى الهكاري ورشحه لهذا المنصب وتمكن من استقطابالمشطوب الهكاري والحارمي الى جانبه، لكن الخليفة العبيديالعاضد اختار صلاح الدين لهذا المنصب لاعتقاده أن صغر سنهسوف يرغمانه على الاعتماد على موظفي القصر، وتجعله أداة طيعةفي يد الخليفة يستغلها في القضاء على بقية الأمراء النوريين أعوانأسد الدين شيركوه. وهكذا اصدر العاضد أمرا إلى القاضيالفاضل بإنشاء سجل لتولية صلاح الدين الوزارة ولقبه بالملكالناصر وذلك في جمادي الآخرة سنة ٥٦٤هـ .

صلاح الدين والقضاء على الخلافة العبيدية(الفاطمية )

قبل التطرق الى السياسة التي اتبعها صلاح الدين بقصد القضاءعلى الخلافة العبيدية في مصر وإرجاعها من جديد الى خانةالخلافة العباسية؛ بقصد توحيد الخلافة من جهة، والقضاء على ثورةالباطنية في مصر التي استفحلت وكان لها اثر كبير في إخضاعالمنطقة لهيمنة القوى الصليبية التي كان للعبيديين دور كبير فيالتعاون معهم بقصد تقسيم بلاد الشام بينهما: شمالها بما فيهامنطقة الجزيرة الفراتية ومنطقة انطاكية للصليبيين، وجنوب بلادالشام بما فيها القدس للعبيديين، وسنلتزم ببحثنا هذا بلفظةالعبيدية بدلا من الفاطمية حيث ان المؤسس الحقيقي لهذه الدولة هوعبيد الله فالنسبة اليه صحيحة بعكس تسمية الفاطميين التي تعدغير صحيحةوهو نسب ادعاه هؤلاء الباطنيةواثبت المؤرخونزيفه.

ومؤسسو الدولة العبيدية ينتمون الى الاسماعيلية إحدى الفرقالشيعية التي ادعت بان الإمامة قد انتقلت من جعفر بن محمدالصادق” (ت148هـ) الى ابنه الأكبر اسماعيل، علما باناسماعيل هذا قد توفي في سنة ١٤٣هـ قبل وفاة والده بخمسسنوات، وقد أراد جعفر أن يؤكد وفاة ابنه بأقوال شهود عديدينبجانبهم والي المدينة المنورة.

ويبدو أن جعفر أراد بهذا الإجراء منع غلاة الشيعة من الزعم بعدمموت ابنه اسماعيل، ولكن إجراءاته هذه ذهبت أدراج الرياح، إذانقسم أتباعه بعد ذلك الى ثلاثة فرق:

الأولى: قالت بإمامة موسى الكاظم(ت183هـ) وعرفوا بالشيعة الإثناعشرية.

الثانية: قالت أنها منتظرة لاسماعيل، لان اسماعيل لم يمت، ولكنهاظهر موته خوفا من خلفاء بني العباس .

الثالثة: قالت أن جعفر نصب ابنه اسماعيل للإمامة بعده، فلما ماتاسماعيل في حياة ابيه، علمنا انه إنما نصب اسماعيل للدلالة علىإمامة ابنه محمد بن اسماعيل، فالنص لا يرجع القهقرى الى الوراء،والفائدة في النص بقاء الإمامة في أولاد اسماعيل دون غيره، ويقاللهؤلاء المباركية، نسبة الى مولى لاسماعيل بن جعفر اسمه المبارك.

ويطلق على الاسماعيلية عدة أسماء وألقاب منها الباطنية لادعائهمأن ظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللبمن القشرة، ومنها: السبعية لاعتقادهم أن ادوار الإمامة سبعة،محمد بن اسماعيل بن جعفر انتهى دور الإمامة له، إذ كان هوالسابع من محمد صلى الله عليه وسلموأدوار الإمامة عندهمسبعةفأكبرهم يثبتون له منصب النبوة، وان ذلك يستمر في نسبهوعقبه.

وفيما يأتي نثبت الجدول الذي يبين بوضوح أدوار الإمامة السبعةالتي انتهت بمحمد بن اسماعيل.

ت

الناطق

الأساس (أو الصامت الأول أو الإمام من الصوامت وهم لائحة السبعة)

1

آدم

شيث (لكل صامت أو إمام اثنا عشر حجة أو نقيبا)

2

نوح

سام

3

إبراهيم

إسماعيل

4

موسى

هارون

5

عيسى

شمعون بطرس

6

محمد بن عبد الله

علي بن أبي طالب وأعقابه الحسن والحسين وعلي (زين العابدين) ومحمد (الباقر) وجعفر (الصادق) وإسماعيل

7

محمد بن إسماعيل

عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح، وابناه احمد ومحمود وحفيده سعيد الذي عرف فيما بعد (عبدالله المهدي) مؤسس الدولة العبيدية (الفاطمية) في المغرب، وقد ادعى انه حفيد محمد بن إسماعيل

ومما تجدر الإشارة اليه أن جعفر قد خلف عدة أبناء وهم: اسماعیل،محمد عبدالله، موسى الكاظم، علي.

ولما كان موضوع بحثنا يتعلق بكيفية ظهور الدولة العبيدية الى عالمالوجود، لذا فان غالبية المؤرخين يرجعون أصولهم الى أبي الخطابمن أسرة القداح التي ينتمي اليها ميمون بن ديصان وابنه عبد الله،وهذا ما أوضحه الباقلاني، بقوله:” أن القداح جد عبيد الله كانمجوسيا ودخل عبيد الله المغرب وادعى انه علوي ولم يعرفه احد منعلماء النسب وكان باطنيا خبيثا حريصا على إزالة ملة الإسلاموكان القداح كاذبا مخرفا وهو أصل دعاة القرامطة.

أما ابن النديم فيذكر رواية جديرة بالتأمل نقلا عن ابن رزام مفادها:”ان ميمونا كان يعرف بالقداح ، وكان من أهل قوزح العباس بقربمدينة الأهواز، واليه تنسب الفرقة المعروفة بالميمونية، التي أظهرتأتباع أبي الخطاب، وزعمت أن العمل بظواهر الكتاب والسنة حرام،وجحدت المعاد، وكان هو وابنه ديصانيين، وكان ابنه عبدالله يظهرالشعوذة، ويذكر أن الأرض تطوى له فيمضي الى أين أحب فياقرب مدة، وكان يخبر بالأحداث الكائنات في البلدان الشاسعة،وكان له مرتعون في مواضع يرغبهم ويحسن إليهم ويعاونونه علىنواميسه، ومعهم طيور يطلقونها من المواضع المتفرقة الى الموضعالذي فيه بيت عبدالله فيخبر من حضر بما يكون، ثم هرب بعد ذلكالى مدينة سلمية بقرب حمص، واشترى هناك ضياعا وبث الدعاةالى سواد الكوفة، فأجابه من هذا الموضع رجل يعرف بحمدان ويلقببقرمط لقصر كان في متنه وساقهوقرمط هذا أكار أبقار فيالقرية المعروفة (بقس بهرام) وكان داهية .

كما يؤكد البغدادي مجوسية ميمون القداح أيضا ويقول: أن غرضالباطنية الدعوة الى دين المجوسيين بالتأويلات التي يتأولون عليهاالقرآن والسنة، والدليل على ذلك زعيمهم الأول ميمون بن ديصانكان مجوسيا من سبي الأهواز فدعا ابنه عبدالله بن ميمون الى دينابيه.

كما أن احد علماء الملل والنحل المطلعين على هذه الطائفة، ارجعنسب عبد الله بن ميمون القداح الى اليهودية بقوله : “إن عبد الله بنميمون يعتقد اليهودية ويظهر الاسلام وهو من اليهود من ولدالشلعلع، بل انه من أحبارهم وأهل الفلسفة الذين عرفوا جميعالمذاهب وكان صائغا فيخدم شيعة اسماعيل بن جعفر الصادق.

والمعتزلة أيضا يؤكدون صلة القداح باليهود فهذا الهمداني يقول: “إن جد القداحين يهودي حداد كان يقيم في سلمية من ارضالشام.

ثم يتطرق الهمداني الى الطريقة التي تمكن بها هذا اليهودي منالتغلغل وادعاء النسب العلوي بقوله:ان والدة هذا اليهودي ماتعنها زوجها وتزوجت بعده برجل اسمه الحسين من آل البيت وانهأحب هذا الولد لما فيه من ذكاء وفطنة وتولى تربيته وعرفه أسرارالدعوة ورجالها وظهر كأحد أبنائه ثم ورث ادعاءاته للإمامة.

ومن الوسائل والطرق التي اتبعها عبد الله القداح للوصول الى مآربهما يذكره ابن الاثير : “إن عبدالله بن ميمون علم ان هناك رجلا فينواحي الكرخ واصبهان يعرف بمحمد بن الحسين ويلقب بـ(دندان) يتولى تلك المواضع وله نيابة عظيمة، يبغض العرب ويجمع مساوئهم،فسار اليه القداح، فأشار عليه أن لا يظهر ما في نفسه، إنما يكتمهويظهر التشيع والطعن على الصحابة، فان الطعن فيهم طعن فيالشريعة، فعن طريقهم وصلت الى من بعدهم، فاستحسن قولهوأعطاه مالا عظيما ينفقه على الدعاة الى هذا المذهب.

أما المقريزي فيأتي برواية أخرى جاء فيه: أن ميمون القداح كان لهمذهب في الغلو، وكان له ابن يسمى بـ (عبدالله) كان عالما بجميعالشرائع والسنن والمذاهب، وقد وضع سبع دعوات يتدرج الانسانفيها حتى ينحل عن الاديان كلها ويصير معطلا إباحيا لا يرجو ثواباولا يخاف عقابا، حتى اشتهر وصار له دعوة فجاء الى البصرةفعرف أمره ففر منها الى سلمية، فولد له بها ابن اسمه احمد فلمامات قام من بعده ابنه احمد وبعث بالحسين الاهوازي داعيته الىالعراق، فلقي احمد بن الاشعث المعروف بقرمط في سواد الكوفةودعاه الى مذهبه فأجابه، والى قرمط تنسب القرامطة، وولد لاحمدبن عبدالله بن ميمون القداح الحسين ومحمد المعروف بابي الشلعلع،فلما مات احمد خلفه الحسين في الدعوة حتى مات فقام من بعدهأخوه أبو الشلعلع، وكان لأحمد بن عبدالله ولد اسمه سعيد فصارتحت حجر عمه، وبعث أبو الشلعلع بداعيين الى المغرب وهما: أبوعبد الله وأخوه العباس فنزلا في البربر ودعوها، واشتهر سعيدبالسلمية في بلاد الشام بعد موت عمه وكثر ماله فطلبه السلطان،ففر من السلمية الى مصر يريد المغرب، وكان على مصر عيسىالنوشري، فورد عليه كتاب الخليفة ببغداد بالقبض عليه ففاته وصاربسجلماسة فى المغرب في زي التجار متنكرا ، فبعث الخليفةالمعتضد من بغداد فى طلبه، فأخذه وحبسه حتى أخرجه أبو عبد اللهالشيعى من حبسه، فتسمى حينئذ بعبيد اللهوتكنى بابي محمدوتلقب بالمهدي، وصار إماما علويا من ولد محمد بن اسماعيل، وإنماهو سعيد بن الحسين بن احمد بن عبدالله بن ميمون القداح.

وقد جادل بعض المستشرقين ومنهم المختصين بالباطنية الإسماعيليةالروسي ايفانوف(1886 – 1970م) في إنكار التشكيك فينسب القداح لعبيد الله المهدي، واعتبر شخصية عبد الله بن ميمونالقداح اسطورية، وانه ليس إلا رمزا للإمامة الاسماعيلية، وانمؤامراته ومخططاته المزعومة لم تكن سوى رمز لنشاط الحركةالشيعية . وعلى الرغم من هذا الإنكار فان كثيرا من المصادرالاسماعيلية في الطور الأول (دور الستر) (٤٨)، فميمون القداحعند هذه المصادر هو باب الأبواب، ومن الطبيعي أن يبقى مرافقاللإمام في حله وترحاله .

ومن جانب آخر فان المصادر السنية مدعومة من بعض المعتزلةوالإمامية بل وبعض الاسماعيلية يؤكدون: بان محمد بن اسماعيلبن جعفر مات ولم يعقب، وهذا مما أدى الى أن يستلم الإمامة حجتهعبد الله بن ميمون القداح، وظلت مستمرة في عقبه المستورين حتىظهر عبيد الله المهدي وأعلن إمامته، وهو من نسل القداحين وعندذلك حصلت الخلافات والانشقاقات بين الاسماعيليين أنفسهم وبينالقرامطة الذين حاولوا جاهدين البحث عن الإمام الداعي وقتله .

وقد حاول المستشرق اليهودي برنارد لويس إزالة هذا الغموضالناتج عن وجود أبناء لمحمد بن اسماعيل بن جعفر وكيف بدأ آلالقداح قيادة الدعوة الاسماعيلية ومن ثم إعلان عبيد الله المهدي وهوحفيد القداح إمامته، عن طريق الأبوة الروحانية أو النكاح الروحانيحيث يقول في هذا الصدد: ان الحركة الباطنية بما لها من غنوصية(عرفانية) وبتعويلها الشديد على النواحي الباطنية للاشياء دونالنواحي الظاهرية بلغت بسهولة وبشكل طبيعي حداً اعتبرت فيهالعلاقة بين الأب وابنهوهي تتصل بالبدن التافه (الجسم) الزائلوحده اقل أهمية وحقيقة من العلاقة بين المعلم والتلميذ المنبعثة منالنفس ميمون الديصاني المعروف بميمون القداح الى طبرستان(جنوب بحر قزوين)، وبعد وفاة جعفر أودع ميمون القداح ولده عبدالله الى محمد بن اسماعيل قائلا: ان الأبوة الجسمانية تكون منولادة الطفل المادية وليس غير، بينما تكون الأبوة الروحانية منملازمة شخص آخر معين، فنقول إن فلانا ابن فلان لأنه تخرج عليه،أفلا يكون الذي يتلقى العلم والمعرفة اللتين هما جوهر الحياةالروحانية من رجل آخر هو أنه الحقيقي، فأنا مثلا أنجبني جعفر بنمحمد روحانيا. ثم أصبحت بما كشف لي من أسرار العلم أهلا لأنأكون انتسب اليه وان اعتبر نفسي ابنه والخلاصة فإنني انهيكلامه بقوله: (عبد الله هو ابن محمد بن اسماعيل ووارثه الذي لايتقدم عليه احد، وقد أودعه الي لأنشئه واعصمه من مكائد أعدائه،ولما بلغ عبد الله السابعة عشر من عمره نادى ميمون القداح بإمامته،ولم يعترض الشيعة الاسماعيلية على ذلك .

ومهما يكن من أمر فان التشكيك في النسب الاسماعيلي، وبالتاليفي أئمة الدولة العبيدية جاء من الاسماعيليين أنفسهم قبلخصومهم العباسيين بفترة طويلة وهذا هو السبب الاول في خروجالقرامطة عن طاعة عبيد الله المهدي)، فالقرامطة استطاعوا أنيعرفوا اسم الإمام وقابلهم الرجل صاحب هذا الاسم وبارك حركتهم،ولما عادوا اليه مرة أخرى وجدوا شخصا آخر يحمل نفس الاسموأشار اليه من حوله بأنه الإمام، فشك زعماء القرامطة في الإماموفي الدعوة نفسها، وحاربوا عبيد الله ونهبوا أمواله وقتلوا عائلته،ودعوا الى أنفسهم، وهذا ما حدث أيضا لأبي عبدالله الشيعي الذيمكن للاسماعليين بين قبيلة كتامة، فانه قبل سفره الى بلاد المغربزار الإمام بالسليمة، فقابله شخص على انه الإمام، ولكن بعد ظهورالمهدي في المغرب رأى أبو عبد الله الشيعي أن المهدي ليس هوالإمام الذي قابله بالسليمة، وتطرق الشك في نفسه الى درجة أنأفضى بذلك الى أخيه أبي العباس وبعض رؤساء كتامة، وكادتتحدث ثورة لو لم يبادر المهدي الى قتل أبي عبد الله الشيعي وأخيهأبي العباس. ووصل الأمر بإتباع الاسماعيلية بعد ذلك أن قامالحسن الأعصم القرمطي خطيبا على منابر دمشق ليعلن أنالمعزلدين الله من سلالة القداح وان القداح وأسرته كانوا كالقرامطةيدعون للائمة المستورين .

ويبدو أن التناقض والتخبط في المصادر الاسماعيلية نفسها حولدور المستور وعدم إيجاد الحلول للحقبة الزمنية لها بجانب عدم حلالإشكالية القائمة ما بين أئمة المستور والظهور ، دليل كاف علىوجود زيف وانتحال هؤلاء الباطنية للنسب الفاطمي للوصول الىمآربهم للقضاء على الخلافة الإسلامية ومحاولة تدمير الاسلاموالمسلمين معا، كما أن اعتماد الخلفاء العبيديين غير الاعتيادي علىاليهود لشغل مناصب حساسة في الدولة كالوزارة وغيرها، لفتأنظار الكثير من المؤرخين الى أن آل القداح من النسب اليهودي،

وفي هذا الشأن يقول الحمادي: والدليل على أن آل نال القداح منولد اليهود استعمال اليهود في الوزارة والرياسة وتفويضهم اليهمتدبير السياسة، وما زالوا يحكمون اليهود في دماء المسلمينوأموالهم وذلك مشهور عنهم يشهد بذلك كل احد. وقد استطاعهؤلاء العبيديون بمكرهم واستغلالهم للخلافات والانقسامات التيحدثت في الوطن الاسلامي عامة والمغرب خاصة أن يحكموا الجزءالغربي منه لفترة طويلة تربوا على القرنين، وفي هذا الصدد يقولابن كثير: وقد كانت مدة ملك الفاطميين (العبيدين) مائتي سنةوكسرا (567 597هـ)، فصاروا كأمس الذاهب: {كأن لم يغنوافيها} .

وكان أول ملك منهم المهدي، وكان من سلمية حداد اسمه عبيد، وكانيهوديا، فدخل بلاد المغرب وتسمى بعبيد الله، وادعى بأنه شريفعلوي فاطمي، وقال عن نفسه انه المهدي، كما ذكر ذلك غير واحدمن العلماء والأئمة بعد الأربعمائة والمقصود أن هذا الدعي الكذابراج له ما افتراه في تلك البلاد، وأزره جماعة من الجهلة، وصارت لهدولة وصولة ثم تمكن الى أن بنى مدينة سماها المهدية نسبة اليه،وصار ملكا مطاعا، يظهر الرفض وينطوي على الكفر المحض، ثمكان من بعده ابنه القائم محمد ، ثم ابنه المنصور اسماعيل، ثم ابنهالمعز، وهو أول من دخل ديار مصر منهم، وبنيت له القاهرة المعزيةوالقصران، ثم ابنه العزيز نزار، ثم ابنه الحاكم منصور، ثم ابنهالطاهر علي، ثم ابنه المستنصر معد، ثم ابنه المستعلي احمد ، ثمابنه الأمر منصور، ثم ابن عمه الحافظ عبد المجيد، ثم ابنه الظافراسماعيل، ثم الفائز عيسى ثم ابن عمه العاضد عبد الله وهو آخرهم،فجملتهم أربعة عشر ملكا، مدتهم مائتان ونيف وثمانون سنة ،وكذلكعدد خلفاء بني أمية أربعة عشر أيضا ولكن مدتهم نيف وثمانونسنة“.

مراحل التغيير ودمج مصر بالخلافة العباسية

  وحالما استقر صلاح الدين في الحكم بعد استيزاره من قبلالخليفة العبيدي العاضد بالله، بدأ في محاولة إيجاد وحدة بين مصروسوريا، وهذه لن تأتي من فراغ بل عليه إيجاد الوسائل اللازمة، فقدكانت هناك خلافتان تحكمان العالم الاسلامي أنذاك الخلافةالعباسية السنية في بغداد، والخلافة الباطنية في القاهرة، ونظرالكونه وزيراً سنياً مرسلاً من قبل نور الدين محمود، لذا كان يتعينعليه اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء هذا التناقض، لا سيما وانالخطر الصليبي كان جاثما على مصر من جهة الشرق، فملك بيتالمقدس كان لديه إطماع في مصر نظرا لموقعها الجغرافي ومواردهاالبشرية والاقتصادية، إضافة الى السلطان نور الدين محمود كانيضغط بشدة على صلاح الدين لإلغاء الخلافة العبيدية وإعادة مصرالى الخلافة العباسية حتى تتظافر الجهود من اجل استرداد بيتالمقدس وإخراج الصليبيين من بلاد الشام.

ولكن صلاح الدين لم يشأ أن يعمل بسياسة حرق المراحل والتغييرالسريع، خوفا من ردود الفعل التي لا تحمد عقباها، فبدأ بإنشاءجيش خاص به اعتمادا على المماليك الأسدية والمماليك الذيناشتراهم لنفسه وسماهم الصلاحية والأحرار من الكرد الذين دخلوافي خدمته بمجرد تعيينه وزيرا. وللوقوف بوجه الجيش العبيديالمكون من فرق عديدة من الفرسان البيض والمشاة السودانيين ، كمااستقدم والده وإخوته للتعويض عن الفراغ الذي تركه عزلالشخصيات الموالية للعبيديين، فعين والده مسؤولا عن الخزانة مماأتاح له المجال للسيطرة على مقدرات الدولة المالية .

أما الجانب الأكثر أهمية الذي أولاه صلاح الدين القسط الأكبر مناهتمامه فهو التدابير الدينية اللازمة لإضعاف المؤسسة الاسماعيليةوتعزيز المذهب السني، ومن هذه الإجراءات:

1- في عشرة ذي الحجة عام ٥٦٥هـ / ٢٥ آب ١١٧٠م أبطل منالأذان (حي على خير العمل وأمر بأن يذكر في الخطبة أسماءالخلفاء الراشدين.
2- نزع من محاريب مساجد القاهرة المناطق الفضية التي فيهاأسماء الخلفاء العبيديين الأربعة عشر.
3- أثار من جديد قضية التشكيك في النسب العبيدي التي أثيرتلأول مرة سنة ۳۳۳ هـ ولم تمض سنوات قليلة من حكمهمللمغرب الاسلامي .
4- قام بتعزيز المذهب الشافعى الذي ينتمي اليه صلاح الدين،ففي محرم عام ٥٦٦هـ / أيلول ۱۱٧٠م امر بهدم دار المعونةالمجاورة للجامع العتيق في مصر وبني على أنقاضها مدرسةللشافعية .

   5-   بني دار الغزل المجاور لباب الجامع العتيق وخصصهاللمالكية، وعرفت بالمدرسة القممية.

  6- غير دار سعد السعداء الواقعة شمال القصر الفاطمي الشرقيالى خانقاه للصوفية .

   7- الازهر. أبطل مجالس الدعوة الاسماعيلية في القصر والجامع

   8- عزل جميع القضاة الشيعة الاسماعيلية وعين محلهم قضاةالشافعية، كما فوض قضاء مصر في شهر جمادي الآخرة عام ٥٦٦ هـ، اذار ١١٧١ م الى القاضي الشافعي صدر الدين ابي القاسمعبد الملك عيسى الماراني، وهذا مما عزز المذهب الشافعي فيمصر.

  9- قام بنشر المذهب الأشعري على خطى السلاجقة كمذهب يمثلأهل السنة والجماعة.

10 عين القاضي الفاضل رئيسا لديوان الإنشاء كي يضمنمراسلات الدولة خوفا من إفشاء الأسرار.

الصعوبات التي واجهت الوزير الناصر صلاحالدين

  لقد واجهت الناصر صلاح الدين في بدء حياته السياسية الكثيرمن الصعوبات والمعوقات التي تواجه أي شخص يعتلي منصباخطيرا في دولة كانت تمر بمرحلة انتقالية فصلاح الدين وزيرالخليفة شيعي اسماعيلي وهو مرسل في الوقت نفسه من قبلسلطان سني همه الوحيد إرجاع مصر الى الخلافة العباسية، وهذايتوافق الى حد كبير مع طموحات صلاح الدين التي تتجاوز تحقيقامنيتين جاهد طوال حياته في سبيلها على حد تعبير المستشرقفيليب حتي الأولى إحلال السنة محل الشيعة في مصر، والثانيةمواصلة الجهاد والحرب على الافرنج. فالدولة العبيدية لا زالتموجودة وان كان الضعف يسري في أوصالها منذ فترة بعيدة،فضلا عن أن كثيرا من مؤسساتها لا زالت موجودة بما فيها الجيشكالفرقة السودانية المشهورة لكثرة عددها ومن جانب آخر فان الخطرالصليبي لا زال جاثما على الحدود الشرقية لمصر والشام. وقد اتخذالناصر عدة إجراءات كانت كفيلة بتحقيق ما كان يرجوه

1- استمال قلوب المصريين عند طريق بذل المال لهم، في الوقتالذي كان الخليفة العبيدي العاضد قد ضيق عليهم .
2- طلب المدد من نور الدين محمود الذي سرعان ما أرسل لهالمساعدات العسكرية، وكان أخوه الأكبر توران شاه  ضمنإحدى هذه المجموعات.
3- نقص أقطاع العسكريين والموظفين المصريين التابعين للدولةالعبيدية وعدت هذه الإجراءات مؤامرة مؤتمر الخلافة وغيره الىتهميش دور الخليفة العبيدي العاضد واستياء كبير الطواشيةمؤتمر الخلافة قائد الفرقة السودانية الذي أدرك بسرعة أنسياسة صلاح الدين في حالة استمرارها ستؤدي لا محالة الىتقويض بنيان الدولة العبيدية (الفاطمية) ولما كان طامعا هوالآخر في تبوء منصب الوزارة بعد (شاور) الذي سبق وأن قتلهصلاح الدين سنة ٥٦٤هـ جزاء خيانته واتصالاته المريبةوالمتكررة مع الصليبيين في مملكة بيت المقدس، لذا حاولمؤتمن الخلافة الاتصال بعموري الأول ملك بيت المقدسالصليبي لتحريضه على مهاجمة مصر متمنيا في حال خروجصلاح الدين للقائه والتصدي له أن يلقي القبض على من بقيمن أعوان صلاح الدين في القاهرة وأن يستولي على مقاليدالحكم ويتولى منصب الوزارة، ويتقاسم بلاد مصر معالصليبيين (۱۹)، غير أن صلاح الدين اطلع على خيوط المؤامرة. حيث شك احد رجاله في شكل الخفين اللذين اتخذهما رسولمؤتمن الخلافة الى عموري الأول، فأخذهما ونزع خياطتهما،فاكتشف الرسالة بداخلها، وبعد التحري الدقيق ثبت أن كاتبالرسالة يهودي وانه كتب للمؤتمن فعلم المؤتمن واختفى فيالقصر وعندما خرج في احد الأيام قاصدا قصره في منطقةالقليوب ، فوجه اليه صلاح الدين من قتله واجتز رأسه وجئ بهالى صلاح الدين ، فعين محله قراقوش مملوك عمه أسد الدين .

وعلى اثر هذه العملية ثار الجند السوداني وكان عددهم يتجاوزالخمسين ألفا، فتصدى لهم صلاح الدين بجيشه المكون من المماليكالأسدية والصلاحية فضلا عن الأكراد الأحرار الذين انضموا الىصلاح الدين لاحقا بعد دخوله مصر، وقد قاد عملية الدفاع والتعرضأبو الهيجاء الكردي مقدم الأكراد الاسدية وتمكن بعد يومين منالقتال الدامي بين القصرين من إخراج الجند السوداني الى الجيزة، فتلقاهم هناك توران شاه وقضى على البقية الباقية منهم فلم ينجمنهم الا الهارب .

المصادر والمراجع والهوامش

9

‎ٲ.د. فَرسَت مرعي

د.فرست مرعي اسماعيل مواليد ۱۹٥٦ دهوك ٲستاذ التاريخ الاسلامي في جامعة دهوك له ۲۱ كتابا مؤلفا باللغتين العربية والكردية ، و٤۰ بحثا ٲكاديميا في مجال تخصصه

‎ٲ.د. فَرسَت مرعي

د.فرست مرعي اسماعيل مواليد ۱۹٥٦ دهوك ٲستاذ التاريخ الاسلامي في جامعة دهوك له ۲۱ كتابا مؤلفا باللغتين العربية والكردية ، و٤۰ بحثا ٲكاديميا في مجال تخصصه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً