البحوث

حقوق الانسان في الاسلام

الخصائص والمميزات

أ.د. فرست مرعي

المقدمة

 الحق باللغة الشيء الثابت دون ريب، وهو للفرد أو للجماعة ويتبعه واجبات. ويقوم الحق على العدالة والإنصاف وعلى مباديء الأخلاق، وفي الإسلام هو أحد أسماء الله عز وجل، وقد اهتمّ الاسلام بإحقاق الحق، فيقوم الإسلام على مبدأ وحدة الجنس البشري[ فلا فضل لعربيّ على عجميّ إلا بالتقوى]، وقد قام مفهوم حقوق الإنسان على أساس فلسفيّ وهو الذي أسنده الإسلام ألا وهو تكريم الإنسان.

  لقد خلق الله عز وجل الإنسان ووهبه حق الحياة وهو أوّل حقيضمن كرامته، وعلى جميع المسلمين الحفاظ على هذا الحق، وهذاحق للإنسان أي أنّه ليس مقتصراً على المسلم بل هو حق للجميع بلاشروط، وقد ذكر هذا الحق صراحةً في القرآن الكريم وفي عدةمواضع فقال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّتُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُنَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْالنَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}،والاستثناء الوحيد هو الحق وهو البينة فالقاتل يقتل ما لم يعف أهلالميت مثلاً وهنالك حدود إن ثبت الجرم أقيم على المذنب الحدّ فسلبتروحه، وهذا لا يعني أن الإنسان يأخذ حقه ويقيم الحدّ بنفسه بلأولي الأمر من يقرّر الحدّ ومن ينفّذه.

الإنسان في الإسلام مستخلف عن الله، وضمن عهد الاستخلاف –الشريعة الإسلامية- تتنزل جملة حقوقه وواجباته، ويتم التوفيق في الإسلام بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة، فقد تضمّن كل حق للفرد حقا لله، أي للجماعة، مع أولوية حق الجماعة كلما حدث التصادم.

ولأن شرائع الإسلام إنما جاءت لرعاية مصالح العباد في الدنيا والآخرة، وهي مصالح متدرجة من الضروري إلى التحسيني الكمالي، كان من الطبيعي أن تعتبر تلك المصالح هي الإطار العام الذي تنتظم داخله مسالك الأفراد وتمارس فيه الحريات الخاصة والعامة، ولذلك كان مبحث المقاصد الشرعية الذي اختطه بتوفيق العلامة الأندلسي أبو إسحق الشاطبي(ت790هـ/ 1388م) في رائعته “الموافقات”، قد حظي بالقبول لدى المفكرين الإسلاميين المعاصرين أساسا وإطارا لنظرية الحقوق والحريات العامة والخاصة في التصور الإسلامي.

إن الحرية في الإسلام وفي تجربته الحضارية -على ما شابها- قيمة أساسية أصيلة باعتبارها أساس صحة الشهادة؛ أما العقائد الإسلامية وأساس الحقوق والواجبات، فقبل أن يؤكد المؤمن إقراره بوجود الله وصدق الرسول، يؤكد ذاته كائنا عاقلا حرا..

إن “الأنا” في لحظة وعي وحرية تقرر “أشهد (أنا) أن لا إله إلا الله وأشهد (أنا) أن محمدا رسول الله“.

إن الحرية كدح متواصل ومجاهدة يومية من أجل تجسيد المثل العليا (أسماء الله الحسنى) في الآفاق والأنفس. الإنسان هنا، وكما ذكر بعض الفلاسفة المحدثين، ليس حرا وإنما يتحرّر بقدر كفاحه ضد قوى القهر داخله وخارجه، وبقدر تحقيقه المثل الأعلى لدستور الأخلاق، كما كشفت عنه أسماء الله الحسنى.

ومن حقوق الإنسان المضمونة في الإسلام حرية الاعتقاد، وقد تواترت في تأكيدها آيات القرآن وترجمتها صحيفة المدينة، إذ اعترفت بحقوق وحريات لكل المكونات الدينية والعرقية فيها، فبرأ تاريخ الإسلام من حروب التطهير الديني والعرقي، بسبب الإعلان القطعي لمبدأ “لا إكراه في الدين” 255: البقرة. المبدأ الأعظم في الإسلام والأساس الأصلب للحقوق والحريات، بما يجعله حاكما على كل ما يخالفه. فكل ما يخالفه من نصوص –حسب تفسير “التحرير والتنوير”- منسوخ أو مؤول.

وتتفرع عن حرية الاعتقاد جملة من الحقوق منها المساواة قاعدة التعامل في المجتمع الإسلامي. فلا يتفاضل الناس في المجتمع الإسلامي بلون ولا بجنس ولا باعتقاد، هم سواسية أمام القانون.

قال الإمام علي (رضي الله عنه) عن حقوق المواطنين غير المسلمين في دولته “فإنما أعطوا الذمة (أي الجنسية) ليكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا”، ولا ترد الاستثناءات من قاعدة المساواة بين المواطنين إلا في حدود ضيقة هي من مقتضيات النظام العام وهوية المجتمع وتوزيع الأعمال في الأسرة والمجتمع، كالاختلاف في بعض أنصبة التوارث.

والجدير بالملاحظة أنه رغم أنه ليس في مصطلح “أهل الذمة” – أي غير المسلمين المتمتعين بحماية الدولة- ما يعاب، فإنه ليس من ألفاظ الشريعة لازمة الاستعمال في الفكر السياسي الإسلامي مهما تحقق الاندماج بين المواطنين وقامت الدولة على أساس المواطنة، أي المساواة حقوقا وواجبات.

وقد كفل الإسلام لأهل كل عقيدة إقامة معابدهم وشعائرهم بها إعمالا لأصل الحرية الدينية وعدم الإكراه. وهذه البشرية هي التييعمل ناس منها على حرمانها من منهج الله الهادي . وهم الذينيسمون التطلع إلى هذا المنهجرجعية ! ” ويحسبونه مجرد حنينإلى فترة ذاهبة من فترات التاريخ . . وهم بجهالتهم هذه أو بسوءنيتهم يحرمون البشرية التطلع إلى المنهج الوحيد الذي يمكن أن يقودخطاها إلى السلام والطمأنينة , كما يقود خطاها إلى النمو والرقي. . ونحن الذين نؤمن بهذا المنهج نعرف إلى ماذا ندعو . إننا نرىواقع البشرية النكد , ونشم رائحة المستنقع الآسن الذي تتمرغ فيه . ونرى . نرى هنالك على الأفق الصاعد راية النجاة تلوح للمكدودينفي هجير الصحراء المحرق , والمرتقى الوضيء النظيف يلوحللغارقين في المستنقع ; ونرى أن قيادة البشرية إن لم ترد إلى هذاالمنهج فهي في طريقها إلى الارتكاس الشائن لكل تاريخ الإنسان, ولكل معنى من معاني الإنسان . !

المبحث الاول: خصائص حقوق الانسان في الاسلام

 الإسلام دين الفطرة ، ودين السلام والأمان ، والبشرية  لن تجد الراحة  ولن تحقق السعادة إلا بالأخذ بالإسلام ، وتطبيقه في شتى الشؤون. ومما يؤكد عظمة دين الإسلام ، ما يتميز به من خصائص لا توجد في غيره من المذاهب والأديان.

لقد اقر الاسلام هذه الحقوق قبل كل التشريعات الحديثة، ومنها الدستور الامريكي سنة 1787م، واعلان حقوق الانسان و المواطن في فرنسا سنة 1791م، و الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة1948م، و قد اعتبر هذه الحقوق اصيلة ومنحة الهية لا يحق لاي كان الاعتداء عليها او تعطيلها او التنازل عنها.

والحقوق في الاسلام فريضة يجب تنفيدها باقامة شرع الله و معاقبة كل معتدي وتحريم التنازل عنها لانها امانة من الله وجب الحفاظ عليها.

وحقوق الانسان في الاسلام راعت الفطرة الانسانية و بالتالي فهي موجهة لكل الناس في كل مكان و زمان. ويسعى الاسلام بتشريع حقوق الانسان الى الحفاظ على كرامة الانسان و تحقيق العبودية لله و تكريس مبدأ الاخوة في التعامل بين افراد المجتمع و تاكيد المساواة بين الناس مهما اختلفت الوانهم و اجناسهم و شعوبهم و ثقافاتهم, و الحرص على اقامة العدل بين المواطنين.ان ضمان حقوق الانسان التي نادى بها الاسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، وتربية المسلمين عليها سيساهم في سلام المجتمع و رقيه و ازدهاره.

ولقد اتفق العلماء والباحثون المسلمون في البنيات الاساسية لهذه الخصائص، ولكنهم اختلفوا في مضامينها، فبينما يحدد المفكر سيد قطب(1906 1966م) هذه الخصائص بسبع، وهي: الربانية، والثبات، والشمول، والتوازن، والايجابية، والواقعية، والتوحيد، يلاحظ أن الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي( 1926 2022م) يححده بسبع مختلفة في الشكل متوافقة في المضمون، فيما ححدها باحث بآخر بثمانية بإضافة فقرة التدرج.

ومن تلك الخصائص التي تثبت تميز الإسلام ، ومدى حاجة الناس إليه ما يلي:

أولاً- الربانية:

أي الانتساب إلى الرَّب سبحانه وتعالى. والمراد منها هنا: ربانية الغاية والوجهة، فالغاية هو الله، وربانية المصدر والمنهج، فالإسلام وحي الله إلى خاتم رسلهيرتبط معنى أن (الحضارة  الإسلامية حضارة ربانية) بالفكرة الإسلامية كلها، وتقوم الفكرة الإسلامية في مسألة الفعل البشري، على أساس أن الله – تعالى – قد فتح الحرية للإنسان ابتداء؛ لكي يصنع تاريخه الفردي والجماعي، ولكي يشكل مصيرهما معًا؛ اعتمادًا في وجوده على قوى العقل والإرادة، والانفعال الحسي والحركة، والإنسان بدوره عندما يستخدم حريته، إنما يعتمد على مقدمات لا يمكنه الاستغناء عنها بحال : الزمن، التراب، ثم التعاليم والنظم، والقيم، والأعراف، والتقاليد، وضعية كانت أم دينية، ويبلغ التداخل والتشابك بين إرادة الله وإرادة الإنسان. فالتجربة الفردية أوالجمالية، إنما تجيء منبثقة عن طبيعة التجربة مشكلة بشكلها، حاملة بصماتها، مستمدة غذاءها ودماءها.

فإذا كان الكل يسير بإرادة الله، فإن إرادة الله لا تنفي إرادة البشر، ومن ثم مسئوليته عما يفعل، وما دام العبد لا يطلع على علم الله، وما قدرُ له في الأزل، وما تعلقت به إرادة الله – سبحانه – وما لم تتعلق به، فإن أعماله التي تصدر عنه، تكون عن إرادة لها، وقصد إليها، واختيار وحرية في القيام بها.

وهكذا لا يعني أن حضارة الإسلام حضارة ربانية، أنها تتم بيد الله – سبحانه وتعالى – بمعزل عن وعي البشر، وإنما معناه أنها تتحقق بجهد البشر، وإرادتهم وسعيهم وكدهم وخطئهم وصوابهم، فالحياة كلها عبادة، والأرض كلها مسجد.

وإذا كان الله – تعالى – هو الذي يرزق عباده، على نحو ما يتردد كثيرًا في كتاب الله الكريم، فإن ((تكفل الله رزق عباده، إنما هو في إيداعه موارد الرزق في الكون، وأسباب كسبه في الإنسان، وفي تنظيمه لتوزيع هذه الأرزاق، عن طريق الأديان والشرائع، وعلى الإنسان الإفادة من نعم الله المادية والروحية، لإحسان كسب هذه الأرزاق، وإحسان تداولها واقتسامها.

إنها حضارة إيمانية انبثقت من العقيدة الإسلامية، فاستوعبت مضامينها وتشربت مبادئها واصطبغت بصبغتها، فهي حضارة توحيدية انطلقت من الإيمان بالله الواحد الأحد، البارئ المصور، مبدع السماوات والأرض، الأول، والآخر، الباطن والظاهر، خالق الإنسان والمخلوقات جميعًا، هي حضارة من صنع البشر فعلًا، ولكنها ذات منطلقات إيمانية ومرجعية دينية، كان الدين الحنيف من أقوى الدوافع إلى قيامها وإبداعها وازدهارها، ولقد تفردت الحضارة الإسلامية بكونها الحضارة العالمية التي تبلورت وازدهرت في ظل المرجعية الدينية، فلم يكن نهوضها وازدهارها كغيرها على أنقاض الدين، وعمل الثورة على الدين كما حدث في أوروبا إبان عصر النهضة .فهي قائمة على الإيمان، الإيمان بالله ورسله وملائكته، وكتبه واليوم الآخر، وهذا ما فضلها عن سائر الأمم:{ كنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه}.

فهي حضارة قائمة على الإيمان بوحدانية الله ونبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – فالإله الواحد لا إله غيره هو القادر، وهو الخالق وهو المصور، وهو القابض، وهو الرافع، كل هذه المفاهيم جعلت من عقول أصحابها عقولًا سامية لا تفكر بالمنحدرات وصغار الأمور، ومحقراتها، هذا السمو في فهم الوحدانية كان له أثر كبير في رفع مستوى الإنسان وتحرير البشر من طغيان الملوك والأشراف، والأقوياء ورجال الدين، وتصحيح العلاقة بين الحاكمين والمحكومين، وتوجيه الأنظار إلى الله وحده وهو خالق الخلق ورب العالمين، فلا إله إلا الله محمد رسول الله هي روح الإسلام من شهد بها دخل الإسلام، ومن نأى عنه نور الإسلام، والإسلام قد أعلن الحرب على الوثنية منذ بذوغ شمسه، وحتى قيام الساعة .

فجملة القول أن الربانية هي صلة الإنسان بربه من خلال العبادات التي فرضها الله، وهي كلها تحقيق للربانية ((ولكون الشريعة اتسمت بالربانية، وبأن الله هو مصدرها، فهي مبرأة من كل نقص، لم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا بينت حكمها، وجاءت خالية من كل جور وهوى، ولا تفرق بين الناس لمنصب أو جاه، ولذا اكتسبت أحكامها هيبة واحترامًا في نفوس المؤمنين بها حكامًا كانوا أم محكومين دون قسر لهم، أو إكراه لهم.

ثانياً: الانسانية:

الاسلام يمتاز بنزعته الانسانية الواضحة الثابتة الاصيلة في معتقداته وعباداته، وتشريعاته وتوجيهاته، إنه دين الانسان حقاً، والإسلام يمتاز بنزعته الإنسانية الواضحة الثابتة الأصيلة في معتقداته وعباداته، وتشريعاته وتوجيهاته، إنه دين الإنسان. وربما خيل لكثير من الناس ـ لأول وهلة ـ أن هناك تناقضا بين إثبات خصيصة “الربانية” وخصيصة “الإنسانية” في وقت واحد. فالظاهر والمفهوم والمفترض في أذهانهم أن ثبوت إحدى الخصيصتين ينفي الأخرى، ويطردها، شأن كل متضادين لا يجتمعان، فإذا وجد الله لم يبق مكان للإنسان!

ومن ثمرات ربانية المصدر، التحرر من عبودية الانسان للانسان، إذ أن الاسلام هو منهج الحياة الوحيد الذي يتحرر فيه البشر من عبودية البشر، لانهم يتلقون التصورات، والمبادىء، والقيم، والموازين، والشرائع، والقوانين، والاوضاع والتقاليد من الله سبحانه، فإذا أحنوا رؤوسهم فإنما يحنونها لله وحده، وبذلك يتحررون حقاً من عبودية العبيد للعبيد، حين يصبحون كلهم عبيداً لله بلا شريك.

فالانسان الرباني يسلم من التمزق  والصراع الداخلي، والتوزع بين مختلف الغايات، وشتى الاتجاهات فلقد إختصر الاسلام غايات الانسان في غاية واحدة هي إرضاء الله تعالى، ومن ثم فهومه ومشاغله مركزة في العمل على تحقيق هذه الغاية، ولا يريح النفس الانسانية شيء كما يريحها وحدة غايتها ووجهتها في الحياة، ولا يشقى الانسان شيء مثل تناقض غاياته وتباين اتجاهاته.

والانسان الرباني يتحرر دائماً- من شهوات نفسه ولذات حسه، فهي لا تسيره، ولا تطغى عليه، ذلك أنه يوازن دائماً بين رغبات نفسه ومتطلبات دينه، وبين ما تدفعه إليه شهوته، وما يأمر به ربه، بين متعة اليوم وحساب الغد.

وإذا كانت خصيصة الربانية تعني ـ من ناحية ـ ربانية الغاية والوجهة. على معنى أن حسن الصلة بالله تعالى وابتغاء مرضاته هو غاية الإنسان وهدف الإسلام. كما تعني ـ من ناحية أخرى ـ ربانية المصدر والمنهج، على معنى أن الإسلام منهج إلهي، صاحبه وشارعه هو الله وحده، وإنما الرسول مبلغ عنه فمعنى هذا أن لا موضع للإنسان. وأين يكون مكان الإنسان ما دام الله هو الغاية، ومرضاته هي الهدف والوجهة، ومادام الله أيضا هو واضع المنهج إلى تلك الغاية؟

على أن الخطأ الأول والأساسي في موقف هؤلاء النظر إلى الله والإنسان كأنهما ندان متقابلان، وهؤلاء ينسون ما هو الله؟ وما هو الإنسان؟ والحقيقة التي لا ريب فيها أن الله هو صاحب هذا الكون، وربه، ومدبره: {قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء}. والإنسان هو مخلوق حادث من مخلوقات الله جل شأنه، ولا يتصور أن يكون المخلوق ندا للخالق، ولا الحادث مضاهيا للأزلي، ولا الفاني كفوا للأبدي الباقي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}.

وإذا نظرنا إلى المصدر الأول للإسلام وهو القرآن المجيد كتاب الله، وتدبرنا آياته، وتأملنا موضوعاته واهتماماته، نستطيع أن نصفه بأنه، كتاب الإنسان. فالقرآن كله إما حديث إلى الإنسان، أو حديث عن الإنسان. إن كلمة “الإنسان” تكررت في القرآن (63) ثلاثا وستين مرة، فضلا عن ذكره بألفاظ أخرى مثل (بني آدم) التي ذكرت ست مرات، وكلمة (الناس) التي تكررت(240) مئتين وأربعين مرة في مكي القرآن ومدنيه.

ولعل من أبرز الدلائل على ذلك أن أول ما نزل من آيات القرآن على رسول الإسلام ـ محمد بن عبدالله( صلى الله عليه وسلم) ومضمونها كلها العناية بأمر الإنسان.هذه الآيات هي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}.

ثالثاً- الشمولية:

يمتاز الإسلام بكل ما تتضمنه كلمة الشمول من معان، شمول يستوعب الزمن كله، والحياة كلها، وكيان الإنسان كله.  إن دينالإسلام دين شامل يحتوي على جميع الأمور التي تخص حياةالإنسان منذ بدايتها وحتى نهايتها وأيضا بعد الوفاة, حيث أن دينالإسلام يوضح حلولا لجميع المشاكل ويحتوي على إجابات لجميعالأسئلة التي يمكن أن تخطر في بال الإنسان.

  ومن خصائص الحضارة الإسلامية أنها عالمية الأفق والرسالة، فالقرآن الكريم أعلن وحدة النوع الإنساني، رغم تنوع أعراقه ومنابته، ومواطنه، في قوله – تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.

إن القرآن حين أعلن هذه الوحدة الإنسانية العالمية على صعيد الحق والخير والكرامة جعل حضارته عقدًا تنتظم فيه جميع العبقريات للشعوب، والأمم التي خفقت فوقها راية الفتوحات الإسلامية، ولذلك كانت كل حضارة تستطيع أن تفاخر بالعباقرة من أبناء جنس واحد، وأمة واحدة، إلا الحضارة الإسلامية، فإنها تفاخر بالعباقرة الذين أقاموا صرحها من جميع الأمم والشعوب، فأبو حنيفة ومالك والشافعي، وأحمد، والخليل وسيبويه والكندي والغزالي والفارابي، وابن رشد، وأمثالهم ممن اختلفت أصولهم، وتباينت أوطانهم ليسوا إلا عباقرة قدمن فيهم الحضارة الإسلامية إلى الإنسانية أروع نتاج الفكر الإنساني السليم .فعالمية الرسالة الإسلامية تكون بعدم اختصاصها بجنس من الأجناس البشرية، وبعدم انحصار تطبيقها في إقليم خاص، أو بيئة معينة، وبامتدادها أزمانًا طويلة، تخلد فيها بعد العصر الذي فيه، وبدون ذلك لا يتحقق معنى العالمية في أي دعوة.

فلما كانت هذه الرسالة ذات هدف عالمي شامل كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – مأمورًا بأن يخاطب بها الناس على وجه العموم، دون تفريق بين قوم وآخرين، فكل من بلغته دعوته فهو داخل في عموم خطابه، سواء عاصر رسالته أم جاء بعدها، سواء نطق بلغته أم لم ينطق بها .

كما أنها عالمية؛ لأنها تعد الإنسان لمستقبل خالد، والاعتقاد بإله واحد.

فإذا نظرنا للحضارات السابقة على الإسلام فنجدها وقد عرفت كل الحواجز التي أقامتها بين الفئات المختلفة من رعاياها .

فقد قسم الفيلسوف اليوناني أرسطو البشرية إلى قسمين، يتكونالقسم الأول من أفراد قادرين على النقاش المنطقي وهم الذينيملكون الحق الطبيعي في امتلاك العبيد، وهؤلاء الأفراد هماليونانيون. أما القسم الثاني، فإنه يتكون من أفراد قادرين على فهمالأوامر، ولكنهم غير قادرين على النقاش المنطقي، ويتكون هذاالقسم من غير اليونانيين. ويقول أرسطو في مكان آخر من كتابه،إن الأوروبيين أحرار ولديهم (روح) ولكنهم أغبياء وعديمو الكفاءةوغير قادرين على التعامل مع أي شأن سياسي، ولذلك فإنهم عبيدسيئون. أما الآسيويون، فهم أذلاء يحكمهم الطغاة، ولا يملكون أيروح وأذكياء، ولذلك لا يستطيعون أن يكونوا أكثر من عبيد ممتازين.

وعلى نفس المنوال سار مفكروا الحضارة الرومانية عندما فرَّقوا في الحقوق بين سكان روما وسكان سائر إيطاليا، ثم بين الرومان، وسائر رعايا البلاد المفتوحة، وبين الذين خضعوا للإمبراطورية ومن كانوا خارجها الذين دعتهم (برابرة)، أما حضارة الإسلام فقد أزالت الحواجز النفسية والمكانية بين أبنائها في مختلف أنحاء العالم فكانت بحق إنسانية عالمية .

فالحضارة الإسلامية مفتوحة الحدود، ممتدة الأرجاء، شاملة كل ما في الحياة من مجالات تقدم وارتقاء، في أسسها الفكرية والنفسية والمادية، فهي لا تحدها حدود ضيقة من الفكر، فتحجبها عن أي كمال من الكمالات، ولا تحدها حدود ضيقة من النفس فتحصرها ضمن الدوائر الأنانية العنصرية، أو القومية، أو الطبقية، ولكنها منفتحة الحدود النفسية، انفتاحًا مقرونًا بالتحريض على الانطلاق إلى الأبعاد الإنسانية كلها، تحمل إليها المحبة والرحمة.


رابعاً- الوسطية:

  نعني بها التوسط بين الروحية والمادية، والفردية والجماعية، والواقعية والمثالية، والثبات والتغير، وما شابهها، بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير، أو يأخذ أكثر من حقه. الوسطية حق وعدل وخير ومطلب شرعي أصيل ومقصد أسمى ومظهر حضاري رفيع، فهي أفضل الأمور وأنفعها للناس، كما أنها الاعتدال في كل أمور الحياة ومنهجها، وهي: الاستواء والاستقامة والتوسط بين حالتين، بين مجاوزة الحد المشروع والقصور عنه. والوسط لغة بين طرفي الشيء. وجاء في الحديث [خير الأمور أوسطها] وواسطة القلادة الجوهر الذي في وسطها وهو أجودها. الوسطية، توسط بين الطرفين وهو ما يعبر عنه لغة بالاقتصاد، أي موقف الوسط والاتزان، فلا إفراط ولا تفريط.

        

قال الله تعالى:{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}. ولا شك أن دين الإسلام دين توسط واعتدال، دين حق وعدل، دين رحمة وسماحة، دين محبة وإخاء قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ، فالوسطية اختيار من الله لهذه الأمة ومنهج الله فيهم تكريم منه سبحانه لتحقيق الأمن والسلام بين الأفراد وزرع الثقة والطمأنينة والإحساس بالآخرين وتحقيق التعاون والتكافل بين الأغنياء والفقراء.

              

إن الحياة الهادئة لا تصلح بغير توسط في الأمور، وإن التوفيق بين متطلبات الدين وشؤون الدنيا والمصالح العامة والخاصة أمر مرهون بتوافر القدرة على انجاز المهام كلها. الوسطية تعني أيضا الاعتراف بحرية الآخرين ولا سيما الحرية الدينية، وذلك ما شرعه الإسلام في قوله تعالى ” لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ “البقرة 256. والوسطية جمع بين المادي والروحي وتلك ميزة الإسلام، ذلك أن للإنسان جسد وروح لقول الله تعالى :{ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

                

لقد ظهر الإسلام لا روحياً مجرداً، ولا جسدياً جامداً، بل إنسانياً وسطاً بين ذلك، يأخذ من كلٍ بنصيب، فتوافرت له من ملاءمة الفطرة البشرية ما لم يتوافر لغيره.. ولذلك سمي “دين الفطرة

 والوسطية اعتدال بين الإغراق في الدين أو الذوبان في الروحانيات أو الإقبال على الدنيا وشهوتها، وهي استواء واستقامة في الاعتقاد والسلوك والمعاملة والأخلاق وهذا يعني أن الإسلام بالذات دين معتدل غير جانح ولا مفرط في شيء من الحقائق، فليس فيه مغالاة في الدين ولا تطرف ولا شدود في الاعتقاد ولا تهاون ولا تقصير ولا استكبار ولا خنوع أو ذل وخضوع وعبودية لغير الله، ولا تعصب ضد الآخرين ولا رفض لهم ولا اكراه أو إرهاب أو ترويع بغير حق، كما لا إهمال في دعوة الناس الى دين التوحيد بالحكمة والموعظة الحسنة وهو الدين الأيسر والأسهل، والأبعد عن الشدة والقسوة كما قال الحق سبحانه :{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }. وقال أيضا :{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ }.

              

فالناس جميعا خَلقُ الله، واقتضت حكمة الله أن يكون فيهم المؤمن والكافر الشقي والبر، المحسن والمسيء، المؤمن والمنافق، العادل والظالم… وكل ذلك من مظاهر التكامل البشري :{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }. في الإسلام يراد به الدفاع عن حرمات الإسلام والمسلمين ولا يقصد به حمل السيف بظلم ضد الآخرين أو قتل نفس بريئة أو ترويع الغير أو اجبار للدخول في الإسلام. وأطلق لقب الوسطية على المدرسة التي لا تغفل النصوص الجزئية من كتاب الله ومن صحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي ظهرت مقابل (المعطلة الجدد) الذين يزعمون أن الدين جوهر لا شكل، وحقيقة لا صورة، فيسرفون في تأويل آيات الكتاب على غير وجهها، وبين (الظاهرية الجدد) الذين يقفون عند ظواهر النصوص ويفهمونها فهما حرفيا بمعزل عن مقاصد الشرع وعلل الأحكام وحكمها. وهذه المدرسة هي التي تبنت ترشيد الصحوة الإسلامية، ودافعت ولا تزال تدافع في أوساط الشباب عن قيم الإسلام الثابتة. 

       

خامساً- الواقعية:

 وهو عدم اغفال الاسلام طبيعة الانسان وواقعه، إذ أن الواقعية هي التي لا تغفل عن مراعاة واقع الكون من حيث مراعاة واقع الكون من حيث هو حقيقة واقعية ووجوداً ومشاهداً، وهذا ملموس في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) وحال دعوته الواقعية إذ أنها جاءت لمراعاة أحوال الناس والتبصير بواقعهم من حيث هو مخلوق مزدوج الطبيعة، فيه قبضة الطين ونفخة الروح ، وظروف الزمان وموازين السلوك الاجتماعي وتوجيه دعوته(صلى الله عليه وسلم) على وفق ذلك المعيار.

إن الإسلام لا يغفل طبيعة الإنسان وتفاوت الناس في مدى استعدادهم لبلوغ المستوى الرفيع الذي يرسمه لهم، وفي ضوء هذا النظر الواقعي جعل الإسلام حدا أدنى أو مستوى أدنى من الكمال لا يجوز الهبوط عنه؛ لان هذا المستوى ضروري لتكوين شخصية المسلم على نحو معقول، ولأنه أقل ما يمكن قبوله من المسلم ليكون في عداد المسلمين، ولأنه وضع على نحو يستطيع بلوغه أقل الناس قدرة على الارتفاع إلى مستوى الكمال.

إن هذا المستوى الأدنى يتكون من جملة معاني يجب القيام بها وهي المسماة بالفرائض، كما يشمل جملة معان يجب هجرها وهي المسماة بالمحرمات. إن هذه الفرائض والمحرمات جعلت بقدر طاقة أقل الناس استعدادا لفعل الخير وابتعادا عن الشر ومن ثم يستطيع كل واحد الوفاء بمقتضاه، ولا يعذر في التخلف عنها.

ولكن بجانب هذا المستوى الإلزامي الواجب بلوغه على كل مسلم، وضعت الشريعة مستوى آخر أرفع منه وأوسع منه وحببت إلى الناس بلوغ هذا المستوى العالي، فإلزامهم به إرهاق لهم وحرج شديد، والحرج في شرع الإسلام مرفوع لأنه يخالف نظرة الإسلام الواقعية قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} وقال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}.. وهذا المستوى العالي يشمل المندوبات التي ترغب الشريعة في القيام بها، والمكروهات التي ترغب الشريعة في ترك المسلم لها.

يقول سيد قطب بهذا الخصوص:” إن الاسلام منهج واقعي للحياة لا يقوم على مثاليات خيالية جامدة في قوالب نظرية، بل هو يواجه الحياة البشرية كما هي بعوائقها وجواذبها، وملابساتها الواقعية، يواجهها ليقودها قيادة واقعية الى السير، والى الارتقاء في آن واحد، يواجهها بحلول عملية تكافىء واقعياتها، ولا ترفرف في خيال حالم، ورؤى مجنحة لا تجدي على واقع الحياة شيئاً”.


سادساً- الوضوح:

 إن الوضوح التام، والمصداقية في القرارات، والتصريحات من صفات المؤمنين الصادقين المخلصين الذين يراقبون الله تعالى في أقوالهم، وأفعالهم، ويعلمون أن كل كلمة يتلفظون بها محاسبون عليها يوم القيامة، قال تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }.

 

وقد يُعبر اليوم عن موضوع الوضوح، والمصداقية بما يعرف: ( بمصطلح الشفافية) الذي يُقصد منه: بأن يكون هناك قدر كبير من العلاقة الواضحة، والتعامل الصادق بين أفراد المجتمع بعضهم بعضاً، وبينهم وبين من يملك القيادة، والإدارة في كافة المواقع، والأجهزة الإدارية التي تحكم مصالح الناس، وتدير شؤونهم سواء كانت على مستوى إداري صغير أم كبير.

 

وإذا نظرت، ودققت النظر في أحوال بعض المجتمعات الإسلامية، يلحظ مشكلة ضعف المصداقية، وضعف الوضوح في القرارات والتصريحات، وكلنا يعلم ماذا يقوم به المرشحون في الانتخابات، أو ما يصرح به، أو ما يصدر من بعض المسؤولين في بعض الأجهزة الإدارية المتعلقة بحاجات أفراد المجتمع الأساسية، فإن هذه الوعود، وهذه التصريحات، والقرارات بعد فترة من الزمن تصبح نسياً منسياً.

 

وقد نلحظ هذه المشكلة عند حدوث أضرار لافتة للأنظار تخص أحد الأجهزة العامة، فنجد أن المسؤول، أو المتحدث الرسمي كما يقال يصرح عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهو يقول: سوف نتعامل مع هذه المشكلة حسب الطرق العلمية الحديثة، وسوف نقوم بعمل كذا، ونقوم بإصلاحات كبيرة تضمن عدم تكرار هذه المشكلة، ثم للأسف بعد مرور شهور، أو قل سنوات في الغالب الأعم لم يتغير شيء البتة، والوضع ثابت، وربما زاد الأمر سوء.

 

إن من الأقوال السلبية المنتشرة في بعض المجتمعات الإسلامية اليوم، أن العلاقات بين الناس لا يمكن أن تسير إلاّ بالكذب، واللف، والدوران، وإذا ترسخ هذا المفهوم الخاطئ لدى عوام الناس فهو فعلاً مشكلة، وقد تعذرهم بجهلهم، وقلة علمهم، ولكن أن يُرسخ هذا المفهوم عند بعض القيادات الإدارية، فهذه الطامة الكبرى.

 

إن المجتمعات التي أخذت بزمام التقدم والرقي، ووصلت اليوم إلى ما وصلت إليه، لم تصل عن طريق الوعود الكاذبة، والقرارات، والتصريحات المزيفة، بل وصلت بالمصداقية، وموافقة أفعالهم لأقوالهم، فلا يوجد تناقض، ولا يوجد وعود كاذبة، ومن العبارات الجميلة، والمفيدة للكلمة التي ألقاهـا: (لي كون يو) الحاكم الإداري لسنغافورة سابقاً وباني نهضتها في منتدى التنافسية في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بتاريخ 13/ 1/ 2008م قوله: إنه إلى جانب الشفافية، وانخفاض نسبة الفساد الإداري، والمالي إلى حد أن سنغافورة تتصدر المراتب الأولى لمؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولي.

 

إن على المجتمعات الإسلامية اليوم إذا أرادت أن تلحق بزمام الدول المتقدمة، وأن تحقق تفوقاً، وتقدماٌ، ورقياً، فإنه يكون من الضروري أن يكون هناك وضوح تام، ومصداقية في التصريحات، والقرارات، بل وفي كافة التعاملات، فلا يمكن أن يبنى أي مجتمع برؤية حضارية على أوهام، وآمال ليس لها على أرض الواقع حقيقة وتطبيق.

 

إن الإسلام بتشريعاته السامية يؤكد على الوضوح التام، وعلى الصدق في الأقوال، والأفعال، وعلى الوفاء بالوعود، ومن هذه التوجيهات:

أولا: قول الله تعـالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُـوا مَعَ الصَّادِقِينَ}. تعالى، وأن يتحلوا بالصدق، فهو من الأخلاق الفاضلة التي يتحلى بها خيار الناس، وفضلائهم، وفي مقدمتهم الأنبياء، والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وأبرزهم في ذلك نبينا محمد عليه أفضل صلاة، وأزكي تسليم فهو الملقب: الصادق الأمين.

 

ثانياًقال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}. وهذا توجيه عام للمؤمنين في كل زمان، وفي كل مكان، بالمحافظة على عدم مخالفة أفعالهم لأقوالهم.

 

وهذه الآية الكريمة كما هو واضح ترتبط بالتوجيه الأول، وهو الصدق في الأقوال، والأفعال، فمن كان صادقاً فإنه لا يخالف أفعاله أقواله البتة، فإذاً الصدق هو المنطلق الأساس للتعاملات الإنسانية، وهو باب البر، والخير، والفلاح في الدنيا والآخرة.

 

وقد جاء في الحديث الشريف المشهور أن رسول الله صـلى الله عليـه وسلم، قال: [عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذاباً].

ثالث: قول الله تعـالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

 

والمتأمل للآيات السابقة في (أولاً، ثانياً، ثالثاً) يتضح أن الله سبحانه وتعالى، قد وجه نداء للمؤمنين، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا …} وهو نداء بأجمل عبارة، وبأحسن وأروع وصف، وهو الإيمان، وفي مجمل هذه الآيات الكريمات، فقد حثت على الآتي:

1-  تقوى الله تعالى، فهي وصية الله تعالى للأولين، والآخرين، وبها وفيها يعيش الفرد، والمجتمع، والأمة في سلام، ووئام، وفي خير، وتقدم، ورقي.

 

2-  العناية التامة بالصدق في الأقوال، والأفعال، فهو طريق الخير الفلاح، ويهدي إلى البر الذي هو طريق الجنة، وكلنا بدون استثناء حولها ندندن.

 

3- الحرص التام على القول السديد المتمثل في: قول الحق، والصدق، وعدم مخالفة الأفعال، للأقوال، فمن نتائجها الحتمية التي قررها الله تعالى، وهو أصدق القائلين، صلاح الأعمال كلها، ومغفرة الذنوب، ومن يطع الله تعالى، ورسوله يفوز فوزاً عظيماً في الدنيا بالتوفيق، والعناية، والخير، وفي الآخرة بدخول الجنة، وهي غاية كل مطلوب.


سابعاً- الجمع بين الثبات والمرونة:

في تناسق مبدع، واضعًا كلا منهما في موضعه الصحيح، فالثبات فيما يجب أن يخلد ويبقى، والمرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور.
يكاد الذين يكتبون عن الإسلام ورسالته وحضارته في عصرنا ، ينقسمون إلى فئتين متقابلتين
فئة تبرز جانب المرونة والتطور ، في أحكام الإسلام وتعاليمه ، حتى تحسبها عجينة لينة قابلة لما شاء الناس من خلق وتشكيل ، بلا حدود ولا قيود.
وفي الشق الآخر فئة تبرز جانب الثبات والخلود، في تشريعه وتوجيهه، حتى يخيل إليك أنك أما صخرة صلدة، لا تتحرك ولا تلين.وهذا هو عيب كثير من البشر، حيث ينظرون إلى القضايا من جانب واحد، مغفلين بقية الجوانب، على ما يكون لها من أهمية قصوى، فيجنحون إلى الافراط أو التفريط.
وقليل من الكاتبين هو الذي سلم من غلو المفرطين، وتقصير المفرطين ، وكانت رؤيته واضحة لهذا المنهج الالهي الفريد الذي قام على أساسه مجتمع رباني انساني، وحضارة متكاملة متوازنة.
والحقيقة أن المجتمع المسلم قد اختص بظاهرة فذة،  تعتبر من أبرز ما يميزه عن سائر المجتمعات الأخرى ، تلك هي ظاهرة التوازن، وإن شئت قلتظاهرة الوسطية : التي يشير إليها قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
وأن من أجلى مظاهر التوازن والوسطية التي يتميز بها نظام الإسلام ، وبالتالي يتميز بها مجتمعه عن غيره : التوازن بين الثبات والتطور ، أو الثبات والمرونة ، فهو يجمع بينهما في تناسق مبدع ، واضعاً كلاً منهما في موضعه الصحيح… الثبات فيما يجب أن يخلد ويبقى ، والمرونة فيما ينبغي أن يتغير ويتطور.
وهذه الخصيصة البارزة لرسالة الإسلام ، لا توجد في شريعة سماوية ولا وضعية.
فالسماوية ـ عادة ـ تمثل الثبات : يلاحظ أن الشرائع السماوية قبل الإسلام كانت مرحلية ، لزمن موقوت ، ولقوم مخصوصين، فلم تكن في حاجة إلى المرونة، التي تؤهلها للعموم والخلود ، بخلاف الإسلام، الذي بعث رسوله إلى الناس كافة، وختم به النبيون، بل الجمود أحياناً، حتى سجل التاريخ على كثير من رجالاتها وقوفهم في وجه الحركات العلمية والتحريرية الكبرى ،  ورفضهم لكل جديد في ميدان الفكر أو التشريع أو التنظيم.
وأما الشرائع الوضعية ، فهي تمثل ـ عادة ـ المرونة المطلقة ، ولهذا نراها في تغير دائم ، ولا تكاد تستقر على حال، حتى الدساتير التي هي أم القوانين ، كثيراً ما تلغي بجرة قلم، من حاكم متغلب، أو مجلس للثورة أو برلمان منتخب، انتخاباً صحيحاً أو زائفاً، حتى يصبح الناس ويمسوا وهم غير مطمئنين إلى ثبات أي مادة، أو قاعدة قانونية، كانت بالأمس موضع التجلة والاحترام.
ولكن الإسلام، الذي ختم الله به الشرائع والرسالات السماوية، أودع الله فيه عنصر الثبات والخلود، وعنصر المرونة والتطور، معاً وهذا من روائع الاعجاز في هذا الدين ، وآية من آيات عمومه و خلوده ، و صلاحيته لكل زمان وكل مكان.
ونستطيع أن نحدد مجال الثبات ، ومجال المرونة ، في شريعة الإسلام ، ورسالته الشاملة الخالدة ، إنه الثبات على الأهداف والغايات والمرونة في الوسائل والأساليب.الثبات على الأصول والكليات ، والمرونة في الفروع والجزئيات.
الثبات على القيم الدينية والأخلاقية ، والمرونة في الشؤون الدنيوية والعلمية.
وربما سال سائل : لماذا كان هذا هو شأن الإسلام ؟ لماذا لم يودعه الله المرونة المطلقة أو الثبات المطلق؟
والجواب : أن الإسلام بهذا، يتسق مع  طبيعة الحياة الانسانية خاصة، ومع  طبيعة الكون الكبير عامة ، فقد جاء هذا الدين مسايراً لفطرة الانسان وفطرة الوجود.أما طبيعة الحياة الانسانية نفسها ، ففيها عناصر ثابتة باقية ما بقي الانسان وعناصر مرنة قابلة للتغير والتطور. فالإنسان اليوم قد اتسعت مداركه، وارتقت معارفه، وازدادت قدرته على تسخير القوى الكونية من حوله ، والانتفاع بها ، حتى استطاع أن يصعد إلى القمر ويعيش فوق ظهره أياماً معدودة ، يكتشف مجاهيله، ويحمل إلى أهل الأرض نماذج من ترابه وصخوره.
ولكن هل تغير جوهر إنسان اليوم ، عن جوهر إنسان ما قبل التاريخ؟ وما بعد التاريخ؟هل تغير جوهر الإنسان المعاصر، الذي صعد إلى كوكب القمر، عن الانسان الذي لم يكن يعرف كيف يواري سوأة أخيه ، حتى علمه الغراب؟
كلا : إن جوهر الإنسان واحد ، إن تطورت معارفه، وتضاعفت امكاناته.
فالإنسان منذ عهد أبيه الأول إلى اليوم ، يأكل ويشرب ويحب الخلود ، ويضعف عزمه أمام دوافع النفس من داخله،  أو وساوس الشر من خارجه، فيعصي ويغوي، ثم يصحو ضميره، ويشعر بالذنب فيرجع ويتوب، ليبدأ صفحة بيضاء من جديد.
رأينا ذلك في قصة آدم أبي البشر ، وأكله من الشجرة التي نهى عنها بعد أن وسوس له الشيطان ، ودلاه بغرور ، وأوهمه أنها شجرة الخلد ، والملك الذي لا يبلى {وصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}.
ويوجد في بني الإنسان الشرير الذي يحسد أخاه فلا يتورع عن قتله طغياناً بلا ذنب جناه.
كما يوجد الإنسان الخير المهذب الذي لا يقترف الشر ولا يفكر فيه، ولا يقابل السيئة، وقد رأينا ذلك في قصة ابني آدم ، التي قصها الله علينا بالحق ، حين حسد أحدهما أخاه فقتله ، فأصبح من الخاسرين ، على حين أبى الآخر أن يبسط يده إليه بسوء قائلاً: {ِإني أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ}. ولا زلنا نراها في ألوف وملايين من ذرية آدم، يتمثل فيها (قابيل وهابيل) كما يسميان وستظل البشرية تراها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وإذا نظرنا إلى الكون من حولنا، و جدناه يحوي أشياء ثابتة، تمضي ألوف السنين وألوف الألوف وهي هي : أرض وجبال، وليل ونهار ، وشمس وقمر ، ونجوم مسخرات بأمر الله ، كل في فلك يسبحون. وفيه أيضاً عناصر جزئية متغيرة ، جزر تنشأ ، وبحيرات تجف ، وأنهار تحفر ، وماء يطغى على اليابسة ، ويبس يزحف على الماء ، وأرض ميتة تحيا ، وصحاري قفر تخضر ، وبلاد تعمر، و أمصار تخرب، وزرع ينبت وينمو، وآخر يذوي ويصبح هشيماً تذروه الرياح.
هذا هو شأن الإنسان وشأن الكون ثبات  وتغير في آن واحد، ولكنه ثبات في الكليات والجوهر وتغير في الجزئيات والمظهر.
فإذا كان التطور قانوناً قائماً في الكون والحياة، فالثبات قانون قائم فيها كذلك بلا مراء . وإذا كان في الفلاسفة من قديم، من قال بمبدأ الصيرورة والتغير باعتباره القانون الأزلي الذي يسود الكون كله، فإن فيهم من نادى عكس ذلك، واعتبر الثبات هو الأساس، والأصل الكلي العام للكون كله.
والحق أن المبدأين كليهما من الثبات والتغير يعملان معاً، في الكون و الحياة كما هو شاهد وملموس.
فلا عجب أن تأتي شريعة الإسلام ملائمة لفطرة الكون، وفطرة الإنسان جامعة بين عنصر الثبات وعنصر المرونة. وبهذه المزية يستطيع المجتمع المسلم أن يعيش ويستمر ويرتقي ثابتاً على أصوله وقيمه وغاياته متطوراً في معارفه وأساليبه وأدواته.
فبالثبات يستعصي هذا المجتمع على عوامل الانهيار والفناء ، أو الذوبان في المجتمعات الأخرى أو التفكك إلى عدة مجتمعات تتناقص في الحقيقة وإن ظلت داخل مجتمع واحد في الصورة ، بالثبات يستقر التشريع وتتبادل ا لثقة وتبنى المعاملات والعلاقات على دعائم مكينة ، وأسس راسخة لا تعصف بها الأهواء والتقلبات السياسية والاجتماعية ما بين يوم وآخر ، وبالمرونة يستطيع هذا المجتمع أن يكيف نفسه وعلاقاته حسب تغير الزمن، و تغير أوضاع الحياة دون أن يفقد خصائصه ومقوماته الذاتية.
إن للثبات و المرونة مظاهر ودلائل شتى ، نجدها في مصادر الإسلام، وشريعته وتاريخه ، يتجلى هذا الثبات في : (المصادر الأصلية النصية القطعية للتشريع) من كتاب الله، وسنة رسوله، فالقرآن هو الأصل والدستور، والسنة هي الشرح النظري، والبيان العملي للقرآن وكلاهما مصدر إلهي معصوم، لا يسع مسلماً أن يعرض عنه : {قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}.:} . إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}.
وتتجلى  المرونة في المصادر الاجتهادية التي اختلفت فقهاء الأمة في مدى الاحتجاج بها ما بين موسع ومضيق ومقل ومكثر، مثل : الاجماع ، والقياس، والاستحسان، و المصالح المرسلة وأقوال الصحابة، وشرع من قبلنا، وغير ذلك من مآخذ الاجتهاد، وطرائق الاستنباط.


وفي أحكام الشريعة ـ نريد بالشريعة هنا ما هو أعم من الجانب القانوني في رسالة الإسلام بل المراد : ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من عقائد وعبادات ومعاملات وأخلاق وغيرها ـ نجدها تنقسم إلى قسمين بارزين
ـ قسم يمثل الثبات والخلود.
ـ وقسم بمثل المرونة والتطور.
نجد الثبات يتمثل في العقائد الاساسية الخمس، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهي التي ذكرها القرآن في غير موضع كقوله تعالى:{لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}البقرة:177}. وقوله:{ مَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدً}.
وفي الأركان العملية الخمسة من: الشهادتين، إيقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام، وهي التي صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم إن الإسلام بني عليها.
وفي المحرمات اليقينية، من السحر، وقتل النفس، والزنى، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، والتولي يوم الزحف، والغصب، والسرقة، والغيبة والنميمة، وغيرها، مما ثبت بقطعي القرآن و السنة، وفي أمهات الفضائل من: الصدق والأمانة، والعفة، والصبر، والوفاء بالعهد، والحياء وغيرها من مكارم الأخلاق، التي اعتبرها القرآن والسنة من شعب الإيمان.
وفي شرائع الإسلام القطعية في شؤون الزواج والطلاق والميراث والحدود والقصاص، ونحوها من نظم الإسلام التي ثبتت بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة .
فهذه كلها أمور ثابتة، تزول الجبال ولا تزول، نزل بها القرآن الكريم، وتواترت بها الأحاديث، وأجمعت عليها الأمة، فليس من حق مجمع من المجامع ولا من حق مؤتمر من المؤتمرات، ولا من حق خليفة من الخلفاء، أو رئيس من الرؤساء، أن يلغي أو يعطل شيئاً منها، لأنها كليات الدين وقواعده وأسسه، أو كما قال الشاطبي: (كلية أبدية، وضعت عليها الدنيا، وبها قامت مصالحها في الخلق، حسبما بين ذلك الاستقراء وعلى وفاق ذلك جاءت الشريعة أيضاً، فذلك الحكم الكلي باق إلى أن يرث الله الأرض وما عليها).

ونجد في مقابل ذلك القسم الآخر ، الذي يتمثل فيه المرونة، وهو ما يتعلق بجزئيات الأحكام وفروعها العملية، وخصوصاً في مجال السياسة الشرعية .
يقول ابن القيم الجوزية (ت751هـ/1350م) :”الأحكام نوعان: نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها ، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة ، ولا اجتهاد الأئمة ، كوجوب الواجبات ، وتحريم المحرمات ، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ، ونحو ذلك ، فهذا لا يتطرق إليه التغيير ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه .والنوع الثاني : ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زماناً ومكاناً وحالاً ، كمقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها فإن الشارع ينوع فيها حسب المصلحة ـ وقد ضرب ابن القيم لذلك عدة أمثلة من سنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين المهديين من بعده رضي الله عنهم ثم قال : وهذا باب واسع اشتبه فيه  على كثير من الناس الأحكام الثابتة اللازمة التي لا تتغير بالتعزيرات التابعة للمصالح وجوداً وعدماً.
يتمثل الثبات في قوله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ}.
وتتمثل المرونة في الاستثناء من هذا الحكم عند الضرورة، إذ قالت الآية:{إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}. ومثله:{إلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}.ونحوه:{لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}.  فهذه الاستثناءات وأمثالها في كتاب الله تعالى تعالى أعطت فسحة لمن تقهره الظروف الشخصية والاجتماعية فلا يقدر على الصمود والثبات على القاعدة الأصلية في السلوك ، ولكن الخطر كل الخطر ، أن تتحول الاستثناءات إلى قواعد ، وتصبح هي الأصل في التفكير أو السلوك، كأن تتخذ التقية ـ التي هي رخصة ـ مبدءاً.
و يتمثل الثبات في قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا}.
وتتمثل المرونة في قوله بعدها:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {المائدة:3] . فقرر بذلك مبدأ (رعاية الضرورات) ولكنه لم يطلق فيه العنان لمن أراد، بل قيده بقوله:{غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} . أي : غير مائل للحرام، والتوسع فيه، كقوله في الآيات الأخرى{غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}. أي: غير باغ على غيره، ولا متعد قدر الضرورة، وهذا مقيد لمبدأ الضرورة حتى لا يسترسل الناس في الحرام باسمها، ومن ذلك أخذ الفقهاء مبدأ: (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها)، ويتمثل الثبات في قوله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا{. وقوله : {وَلَا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} . وهذا مبدأ عام.
وتتمثل المرونة في استثناء الظروف الحربية ومقتضيات التنكيل بالعدو ، وإجباره على التسليم بأقل الخسائر الممكنة وذلك في قوله تعالى :{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ}. وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حصار النبي صلى الله عليه وسلم ليهود بني النضير وقطعه بعض نخيلهم، فشنع اليهود بذلك وقالوا يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد وتهيب على من يصنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها؟ فكانت الآية رداً عليهم بأن ذلك بإذن من الله وليخزي الفاسقين.


المبحث الثاني: مميزات حقوق الإنسان في الإسلام

   تتميز حقوق الإنسان في الإسلام بميزات عديدة، فهي ربانية، منضبطة، ملزمة، ثابتة، شاملة… وسنبين بعض هذه الميزات عند المقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

مقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الوثائق الوضعية الدولية

أولاً: من حيث المصدر.

حقوق الإنسان في الوثائق الوضعية مصدرها الإنسان، الذي هو مركب النقص، وهو يخطئ  أكثر مما يصيب ؛ إن إحاط بجزئيةٍ، غفل عن أكثرها ، وإنْ أدرك أمراً: قصر عنه آخر،  كما أن الإنسان بطبيعته يغلب عليه الهوى، فيرى الحق ولا يتبعه، يدل على ذلك أن المجتمعات الغربية تسمح بالزنا وتسمح بشرب الخمر وغير ذلك من الأمور التي لا يشك عاقل في أنها مضرة بالمجتمع.

أمَّا في الإسلام :- فمصدر حقوق الإنسان كتاب الله المعجز، وسنة رسول – صلى الله عليه وسلم  – الذي لا ينطق عن الهوىفهي تشريعات ربانية، لا خلل فيها، ولا نقص، ولا تقصير، ولا ضيق نظر، فهي متوازنة، وتراعي مصلحة الفرد – كفرد في مجتمع – وتراعي مصلحة المجتمع .

ثانياً: من حيث الإلزامية.

هذا الفرق يترتب على الفرق الأول:

فالوثائق الوضعية التي وضعها الإنسان ليست إلا مجرد تصريحات، وتوصيات صادرة عن الأمم المتحدة ، لا إجبار وإلزام فيها ، ولا يترتب على الإخلال بها أي جزاء قانوني

أما في الإسلام فهي أبدية، ثابتة، إلزامية، لا تقبل : الجزئية، والحذف، والتبديل. وعلى الفرد : الأخذ بها ؛ راجياً ثواب الله، خائفاً من عقابه، ومن تُسوّل له نفسه العبثَ بها، فإن مِن حق السلطة العامة في الإسلام، إجباره على تنفذيها، وإيقاع العقوبة الشرعية عليه، في حال إخلاله بها .

ثالثاً: من حيث الأسبقية.

نقول في صدد المقارنة بينهما الآتي: في الوثائق الوضعية أول وثيقة لحقوق الإنسان، كانت ما جاء به الإعلان العالمي لحقوق الإنسانفي أوروبا  في القرن الثالث عشر الميلادي وتحديداً سنة (1215م).

أما في الإسلام فبدأت بظهور الإسلام نفسه، وقد اشتملت على: حقوق ثابتة لله، وحقوق للعباد: كالحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية،  إلى غيرها من الحقوق الأخرى.

وما كانت الآيات القرآنية، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم  في حقيقتها إلا مواثيق وقوانين . ويُعَدُّ من أشهر المواثيق في الإسلام لحقوق الإنسان ما جاء على لسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  في حجة الوداع ، وخطبته المشهورة في تلك المناسبة العظيمة.  

رابعاً: من حيث حماية حقوق الإنسان وضماناتها في الإسلام، وفي الوثائق الدولية

 وتتضح الفروق بينهما في المقارنات التالية :

1في الوثائق الدولية حقوق الإنسان -البشرية المصدر- وكذلك الحماية الدولية لها لا تعدو كونها توصيات أدبية، ومحاولات لم تصل إلى حد التنفيذ. وعلى كلٍ  فهي تقوم على أمرين

أ – محاولة الاتفاق على أساس عام ومعترف به بين الدول جميعاً

ب- محاولة وضع جزاءات ملزمة، تدين الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان

وهذه التوصيات في حقيقتها –كما يقال – : حبر على ورق، يتلاعب بها واضعوها حسبما تمليه عليه أهوائهم، وشهواتهم، ومصالحهم، وإن كان فيه الضرر البالغ على الأفراد، بل وعلى الأمم.

أمَّا في الإسلام فالحقوق التي منحها الله للإنسان محمية مضمونة، وذلك لأنها:

أ- مقدسة قد أُلبست الهيبة والاحترام؛ لأنها منزلة من عند الله، وهذا يُشَكِّلُ رادعاً للأفراد والحكام على السواء عن تعديها وتجاوزها.

ب- احترامها نابع من داخل النفس المؤمنة بالله

جـ – لا يمكن إلغاؤها، أو نسخها، أو تعديلها

د- أنها خالية من الإفراط، والتفريط

وزيادة على ذلك وحتى تُحمى حقوق الإنسان وتحفظ شرع الله عزوجل إقامة الحدود الشرعية. وإقامة الأنظمة القضائية، لحماية حقوق الإنسان .

خامساً: من حيث الشمول.

الإسلام يتميّز عن غيره بالشمولية، ونذكر هنا بعض حقوق الإنسان التي لم يذكرها مشرعو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهي كالآتي:  

1- حقوق اليتامى : ففي الميثاق العالمي أشار إلى حق رعاية الطفل فقط

أمَّا في الإسلام : فقد تميز بإعطاء عناية خاصة لليتامى، وحَفِظَ حقوقهم ، وأمر بالإحسان إليهم، بكافة أنواع الإحسان ، بل ورتَّبَ على ذلك الأجر، والثواب

قال تعالى-: {ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم…}.

وقال تعالى : {وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً}.

فرتَّب العقوبة الشديدة على من أكل أموالهم ، قال تعالى : {(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}.

2- حق ضعاف العقول : كفل لهم الإسلام حق الرعاية والاهتمام ، وأمر بحسن معاملتهم ، كما قال –تعالى-: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم وقولاً معروفاً}.

3- حق الميراث: وهذا الحق قد غفلت وتغافلت عنه الوثائق البشرية، بينما نظم الإسلام ، وأقرّ هذا الحق، في أروع صوره، وأبطل ما كان عليه الناس قبل الإسلام ، من إسقاط حق المرأة في الميراث ؛ قال –تعالى-: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً}.

وقد أفاض الإسلام في هذا الأمر، وبيّن مقدار الأنصبة في كثير من الآيات، كما حثت السنة المطهرة على ذلك في قوله ( صلى الله عليه وسلم ): [ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر].  

4حق الدفاع عن النفس: أيضاً هذا الحق من الحقوق التي لم يذكرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما وردت العديد من الآيات والأحاديث، التي تقرّ هذا الحق وتنظمه كما في قوله –تعالى-: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين}.

بل أمر الله – سبحانه وتعالى- بالجهاد، وبالإعداد له ، فقال : {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمُهُم…}

5- حق العفو : الإسلام دين رحمة ، وتسامح، وعفو، وإحسان، من غير استسلام، أو ذل، أو تمكين للأشرار، وهذا ما لم يهتم به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . فمن الآيات التي تقرّر هذا الحق ، قوله -تعالى- : {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.  وقوله : {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}.

الخاتمة

الإسلام دين الفطرة، ودين السلام والأمان، والبشرية لن تجد الراحة، ولن تحقق السعادة إلا بالأخذ بالإسلام ، وتطبيقه في شتى الشؤون. ومما يؤكد عظمة دين الإسلام، ما يتميز به من خصائص لا توجد في غيره من المذاهب والأديان. ومن تلك الخصائص التي تثبت تميز الإسلام ، ومدى حاجة الناس إليه ما يلي:

1-  أنه جاء من عند الله : والله – عز وجل – أعلم بما يصلح لعباده، قال  تعالى: { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }.

2-  أنه يبين بداية الإنسان، ونهايته، والغاية التي خلق من أجلها.

قال – تعالى – : { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا ونساءً}.

وقال : {منها خلقناكم ومنها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}.

وقال : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

3-  أنه دين الفطرة : فلا يتنافى معها قال الله  تعالى: { فطرة الله التي فطر الناس عليها }.

4-  أنه يعتني بالعقل ويأمر بالتفكر: ويذم الجهل، والتقليد الأعمى، والغفلة عن التفكير السليم ، قال الله تعال: { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } .

وقال:{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض }.

5-  الإسلام عقيدة وشريعة : فهو كامل في عقيدته وشرائعه ؛ فليس ديناً فكرياً فحسب ، أو خاطرة تمر بالذهن ، بل هو كامل في كل شيء ، مشتمل على العقائد الصحيحة ، والمعاملات الحكيمة ، والأخلاق الجميلة ، والسلوك المنضبط ؛ فهو دين فرد وجماعة ، ودين آخرة وأولى.

6-  أنه يعتني بالعواطف الإنسانية : ويوجهها الوجهة الصحيحة التي تجعلها أداة خير وتعمير.

7-  أنه دين العدل : سواء مع العدو ، أو الصديق ، أو القريب ، أو البعيد.

قال تعالى: { إن الله يأمر بالعدل } ، وقال:{ وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} ، وقال :{ ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.

‎ٲ.د. فَرسَت مرعي

د.فرست مرعي اسماعيل مواليد ۱۹٥٦ دهوك ٲستاذ التاريخ الاسلامي في جامعة دهوك له ۲۱ كتابا مؤلفا باللغتين العربية والكردية ، و٤۰ بحثا ٲكاديميا في مجال تخصصه

‎ٲ.د. فَرسَت مرعي

د.فرست مرعي اسماعيل مواليد ۱۹٥٦ دهوك ٲستاذ التاريخ الاسلامي في جامعة دهوك له ۲۱ كتابا مؤلفا باللغتين العربية والكردية ، و٤۰ بحثا ٲكاديميا في مجال تخصصه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً