المقالات

تنوع صور الاجتهاد في فهم القيم القرآنية

 

من الملاحظ أن الدراسات القرآنية الحديثة والمعاصرة تستعمل مصطلحات لم تكن شائعة كثيراً في الكتابات السابقة، ومن الأمثلة على ذلك مصطلحات: القيم القرآنية، والمقاصد القرآنية، والمبادئ القرآنية، والكليات القرآنية، وغيرها. ويأتي استعمال هذه المصطلحات نتيجة لاجتهادات متنوعة في الفهم والتصنيف والتنظيم. ويبدو أن الاختلاف في هذا الاجتهاد سوف يستمر دون توقف، إلى نهاية حياة الإنسان على الأرض في هذه الدنيا. فقد كان ذلك هو الحال منذ أُنْزِل القرآن الكريم، كلُّ عالم يجتهد في فهمه، فلم يغن اجتهاد عالم عن اجتهاد آخر، ولم يغن اجتهاد جيل عن اجتهاد جيل آخر. والاختلاف في نتائج الاجتهاد يكون في الغالب اختلاف تنوع لا تناقض، والأمر بالاجتهاد قائم إلى قيام الساعة، والوعد بالتجديد قائم عبر القرون.
وقد اجتهد العلماء في فهم مقاصد القرآن الكريم والقيم التي يستهدف تحقيقها في كل عصر، في ضوء ما كانوا يرونه من صلة القرآن بحياتهم وما تنطوي عليه من قضايا ومشكلات. وكان هذا الاجتهاد المتنوع مؤشراً على هيمنة القرآن وحاكميته، وحاجة العلماء إلى استمرار تدبُّرِه، ولذلك فليس من المستنكر أن يفهم العلماء من القرآن الكريم اليوم ما لم يفهمه السابقون، فيستنبطون من مقاصده الكلية وقيمه العليا، ما يعالج قضايا عصرهم ومتطلباته المتجددة. أليس من الملاحظ أن الأمة لم تستغن عن وجود تفاسير جديدة للقرآن الكريم على مدار التاريخ الإسلامي؟
فكما أن القرآن الكريم مجيد: “ق، وَالْقُرْآنِالْمَجِيدِ” (ق – 1)، وحكيم: “يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (يس: 1-2)، وعظيم: “وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ” (الحجر 87)، فهو كذلك كريم: “إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ” (الواقعة: 77)؛ يتجدد كَرَمُه وعَطَاؤه، لمن يبتغي الهدي فيه، فلا تنقضي عجائبه، ولا يَخْلَق على كثرة الردّ.
والتجديد والاجتهاده لا يتأتَّيان لقارئ القرآن الكريم نتيجة الفهم السطحي العابر والنظرة العجلى، وإنما هما نتيجة التدبُّر الذي يدعو إليه القرآن، والتدبُّر هو تقليب زوايا النظر وإعمال الفكر مرَّة دُبُر مرَّة، حتى يتبين للمتدبر في كل مرة ما قد لا يتبين له فيما قبلها، أو يتبيّن له ما لم يتبيّن لغيره.يقول ابن عاشور في تفسيره: “تدبّر إذا نَظَرَ في دُبُرِ الأمر؛ أي في غايته أو في عاقبته،… والتدبّر يتعدّى إلى المتأمَّل فيه بنفسه، يقال: تدبّر الأمَر. فمعنى (يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) يتأمّلون دلالته، … أنْ يتأمّلوا دلالة تفاصيل آياته، على مقاصده التي أرشد إليها المسلمين؛ أي تدبّر تفاصيله.” وقال أيضاً: “والتدبر: إعمال النظر العقلي في دلالات الدلائل على ما نُصبت له. وأصلُه أنه من النظر في دُبُر الأمر؛ أي فيما لا يظهر منه للمتأمل بادئ ذي بدء.”
وقد جمع الله سبحانه بين التَّدبُّر والاستِنْباط في آيتين متتاليتين لِيَجْعلَ التدبُّرَ مطلوباً من العامة؛ أي لكل من قرأ القرآن الكريم، وليجعل الاستنباط مهمةً للخاصة من أهل العلم. ولعل في ورود آية الاستنباط بعد آية التدبر ما يشير إلى أن التدبر طريق للاستنباط، أو أن الاستنباط يشترطُ التدبُّرَ. يقول الله سبحانه: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ>” (النساء:83،82) والاستنباط هو استخراج شيء مستتر، ويلزم له بذل الجهد الذي قد لا يستطعيه إلا المؤهل له، يقول الطبري في التفسير:”وكل مُسْتَخْرِج شيئا كان مستَتِرا عن إِبْصار العيون أو عن معارف القلوب فهو له: مستنبِط”.
وعندما يجتهد العلماء والباحثون في فهم موضوع معين من موضوعات القرآن الكريم فإنَّ اجتهادَهم هذا يقودهم إلى طريقة في التصنيف والتنظيم والانتقال من الكلَّ إلى الجزء، ومن العموم إلى الخصوص، ومن الأصل إلى الفرع وهكذا، فبعض الباحثين ينظرون إلى موضوع القيم العليا عن طريق التفكّر فيما ورد في القرآن الكريم عن الخالق والمخلوق، ويتدبّرون في تدبير الخالق للمخلوقات. فالله سبحانه خلق النوع البشري على هذه الأرض، وجعل للإنسان مرجعية يفهم على أساسها وجوده؛من بدايته، ومع مسيره،وإلى مصيره. ومن ثَـمَّ فإنَّ تحديد موضع القيم سيكون ميسوراً عندما يُنظر إليه في ضوء الرؤية الكلية للنظام العام للدين الذي أراد الله أن يختم به الوحي، فهذا النظام العام للإسلامعند المسلم يتضمن وجود أنظمة فرعية منها:
 نظام للاعتقاد ينشئ تصورات الإنسان وعباداته،
 ونظام للمعرفة يضع التشريعات والعلاقات،
 نظام للقيم تتحدد به دوافع السلوك والعمل.
فنظام القيم واحد من الأنظمة الأساسية، يتكامل مع أنظمة أخرى في تكوين فهم للنظام العام للدين. وحتى نحدد عناصر نظام القيم نجتهد في حصر الألفاط القرآنية التي وردت فيها مفردات تتصل بالقيم، جمع قيمة، ثم التأمل في دلالات هذه المفردات في سياقاتها، ثم محاولة التوصل إلى المعاني الكبرى التي يمكن أن تعبر عما يمكن أن نسميه القيم العليا:
– فجَذْرُ القِيَم وهو الفعل الثلاثي “قَوَمَ” وردت مشتقاته في ستمائة وتسع وخمسين مرة، (659مرة)،
– منها قامَ وأَقَام وقِيام وقائِم وقَيٌّوم وقِيَم وقَيِّم وقَوَام وتَقْويم: في 160 مرة
– واستَقِمْواستقَامُوا ومُستقيم في 47 مرة
– وقيامة في 70 مرة
– وقوم في 382 مرة.
ويمكننا أن نستخلص أن جماع المعاني اللغوية لمشتقات قَوَمَ في القرآن الكريم على الوجه الآتي:
1. المسؤولية والرعاية والحساب والجزاء: “الله لا إلهَ إلاّ هُوَ الحيُّ القيُّوم” (البقرة: 255)،”أَفَمَنْهُوَقَائِمٌعَلَىكُلِّنَفْسٍبِـمَاكَسَبَتْ” (الرعد: 33)،”اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (الحج: 69).
2. الوزن والفائدة والثمن والخيرية، فالأمر الذي لا قيمة له لا وزن له ولا فائدة فيه:  “أولَئِكَ الذين كَفَرُوا بآيَاتِ ربِّـهِم ولِقَائِهِ فحَبِطَتْ أعْمَالُـهُم فَلَا نُقَيمُ لَـهُم يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْناً (الكهف:105).
3. الاستقامة والصلاح: “وألَّوا اسْتَقَامُوا على الطَّرِيقةِ لأَسْقَيْناهُم ماءً غَدَقاً (الجنّ: 16).
4. الثبات والاستقرار والتماسك: “لا مُقَامَ لَكُم فارْجِعُوا” (الأحزاب:13)، ) يَوْمَ ظَعْنِكُم وَيَوْمَ إقَامَتِكُم” (النحل: 80).
5. الجماعة من الناس:  قوم يرتبطون معاً بمشتركات الأرض واللسان: “لَقَدْ أرْسَلْنَا نُوحَاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ.” (الأعراف: 59).
ومن هذه المعاني الخمسة-بأصولها اللغوية ودلالاتها السياقية- يمكننا الاجتهاد في الحديث عن ثلاث قيم عليا، تشتمل على كلِّ ما يمكن استنباطه من قيم أخرى، وهذه القيم الثلاث هي التوحيد والعمران والتزكية، وهي تشرح رؤية العالم في القرآن الكريم التي تتلخص بقيومية الله سبحانه على الكون رعايةً وتدبيراً،وعلى الإنسان؛ حياة وأجلاً، هداية ورزقاً.
 فالله سبحانه هو “القائِمُ على كلِّ أَمْر”، وهو “الحَيُّ القيوُّم”، القائم بنفسه، الكامل في وصفه، واحد في ذاته وصفاته وأفعاله؛ فالقيمة هنا هي التوحيد.
 والله سبحانه هو الحي القيوم القائم على كل أمر، فله كل ما في السموات والأرض وما فيهما من شيء،فالكون المخلوق كله قائم على نظام تتقوَّمُ به أشياؤه وظواهره، وتجتمع إلى بعضها في نظام محكم، وكلُّها مسخرة للإنسان، وهو ممكَّن فيها ليستعمرها؛ فالقيمة هنا هي العمران.
 والله سبحانه أرسل للإنسان من الهدى، مايقيم به حياته على منظومة من القيم التي تحدد تصوراته وعلاقاته وأعماله الظاهرة والباطنة وتزكيها وتطهرها؛فالقيمة هنا هي التزكية.
وللتوحيد تمثلاته وتجلياته في اكتساب المعرفة وبناء أنظمة الحياة الاجتماعية الاقتصادية والسياسية وغيرها على الأساس المعرفي السليم، وللتزكية تجلياتها في بناء شخصية الفرد في قلبه وعقله، وبناء الأسرة والمجتمع والأمة على التراحم التعارف والتعاون، وللعمران تجلياته المادية والمعنوية في صياغة القوانين التي تحقق كرامة الإنسان، وحريته، والتمتع بمجتمع العدل، وتيسير سبل الحياة وترقيتها تحقيقاً لمقصد الوجود البشري في الأرض: العبادة والخلافة.
ومن أجل إعانة الإنسان على تحقيق ذلك، فقد سخر له ما في السموات والأرض جميعاً، فأنشأَهُ من الارض واستَعْمَرَهُ فيها، “هو أنْشَأَكُم مِنَ الأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُم فيها.” (هود: 61) ثم مَكَّنه في هذه الأرض وجعل لها فيها أسباب العيش: “ولَقَدْ مَكَّنَاكُم في الأَرْضِ وجَعَلْنَا لَكُم فيها مَعَايِش” (الأعراف: 10) ليقيم فيها العمران البشري.وبذلك نجد أن مفاهيم التسخير والتمكين، والاستعمار والعمران، مفاهيم أساسية في فهم مقصد الوجود البشري وما يلزم لتحقيق هذا المقصد.
 فقيمة التوحيد هي العنصر الأساسي في النظام العام الاعتقادي وتفرعاته المعرفية،
 وقيمة التزكية هي التمَثُّلُ العملي للشخصية الإنسانية الفردية والجمعية، وتفرعاتها النفسية والعقلية،
 وقيمة العمران هو الصورة العامة للحضارة الإنسانية في أبعادها المادية وفي النظام الاجتماعي وتفرعاته الاقتصادية والسياسية.
وهكذا تشتمل منظومة القيم العليا: التوحيد والتزكية والعمران،على جوانب الحياة البشرية، وما يتخللها من صور النشاط الإنساني.
وهذه المنظومة الثلاثية كانت اقتراحاً قدمه المرحوم طه العلواني، ولم يفصّل في بيان القيم الثلاث، بل اكتفى بالتفصيل في قيمة التوحيد. واجتهد كاتب هذه السطورفي تقديم رؤية متكاملة لهذه المنظومة، نشرت في كتاب. وقد اطلع عليه الدكتور طه قبل طباعته، وأبدى بعض الملحوظات ومنها أن المنظومة الثلاثيةأصبحت عنده منظومة خماسية الأركان؛ إذ أضاف إلى الثلاثة قيمتي الأمة والدعوة، وقد ناقشته في ذلك قبل أيام من وفاته رحمه الله، وكان رأيي في هذه الإضافة، أنَّ حديثه عن الأمة والدعوة ربما كان حافزه الظروف والتطورات التي مرت بها المنطقة العربية منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حين غالتهذه التطورات في تغليب الانتماء الإقليمي والقطري والوطني والهويات الفرعية، حتى ضاع مفهوم الأمة، مما كان عاملاً مهماً في دعوة المرحوم العلواني إلى إعادة الاعتبار لهذا المفهوم. ومن ناحية أخرى فإنَّ تلك التطورات غالت في تغليب العمل السياسي المحلي للتوجهات الإسلامية حتى كاد الهدف الأساسي من العمل الديني الإسلامي في مجتمعاتنا، وهو الدعوة، أن يضيع، فكان لا بد من إعادة الاعتبار لمفهوم الدعوة، بوصفها مهمة أساسية للأمة، وهو اجتهاد من المرحوم العلواني له وَجَاهَتُه واعتباره.
وعلى الرغم من ذلك فإنني لا أزال أفضل الحديث عن منظومة القيم العليا في القرآن الكريم في صيغتها الثلاثية: التوحيد والتزكية والعمران، لما لها من قدرة على احتواء سائر القيم الفرعية، وكفايتها في التعبير على العلاقات القائمة بينها ببساطة ووضوح. لكن هذه القيم، بمنظومتها الثلاثية، هي الأمانة التي على الأمة أن تتصف بها لتتحقق بالخيرية والوسطية والشهادة، ولتحمل هذه الأمانةدعوة إلى الأمم الأخرى. فهذه القيم العليا الثلاث وما يتفرع عنها، كافية لبناء الأمة القادرة –عند تحقق هذه القيم فيها- لأداء مهمة حمل الدعوة إلى العالم وتقديم نموذج لنظام العالم تتحقق فيه خلافة الإنسان في الأرض.
ومفهوم القيم لا بد أن يتصل بعدد من المفاهيم الأخرى التي ربما تشترك معاً في بناء حقل دلالي مشترك تتقارب فيه الدلالات من جهة، وتتمايز من جهة أخرى. فالقيم تكون أحياناً مبادئ تحكم السلوك، وقد تكون أحياناً مقاصد يريدها واضع القيم سبحانه، لتتحقق بها مقاصدُ الـحَقِّ من الـخَلْق، ويعبر عنها بعض الباحثين بمصطلح الكليات الأخلاقية. ولذلك فإن استعمال أي من هذه المصطلحات: القيم، المبادئ، المقاصد، الكليات، يعتمد على السياق. فالمقاصد مثلاً هي القيم التي لا بد أن تتقوم بها حياة الإنسان في الأرض لتستقيم على هدي الله سبحانه، والمبادئ هي مجموعة من القيم التي تحكم سلوك الإنسان وتضبطه وفق مقتضيات ذلك الهدى الرباني، والقيم هي معايير لضبط سلوك الإنسان وفق المقاصد، والأخلاق هي السلوك الظاهر للإنسان….
وصفة العالمية هي صفة لصيقة بالقرآن الكريم؛ فالقرآن هو آخر وَحْيٍ إِلَـهِيٍّ للإنسان، بما هو إنسان، أُنزل ليُحفظ ويَبقى، فلا يحتاج الإنسان إلى غيره. والمؤمنون به هم الأمة التي تحمل الدعوة إلى غيرها من أمم البشر. وليس فيه خصوصيات لقوم أو لون أو جنس، وحتى حين يتوجَّهُ خطابُه إلى المؤمنين به فإنما يكون ذلك لتأهيلهم ليمثلوا الأنموذج العملي التطبيقي لهديه، ولتكون صورتهم دعوة لغيرهم بالقدوة والمثال. وذلك فليس لدينا ثمة شك في أن القيم التي تتضمنها منظومة القيم العليا وهي: التوحيد والتزكية والعمران، هي قيم عالمية لأنها تتصل بالإنسان المستخلف في الأرض، بما هو إنسان، بغض النظر عن العرق واللغة والدين.
وصفة القيم العالمية يمكن أن تدَّعيها جهات مختلفة، حين تَدَّعِي أن قيمَها الخاصة هي القيم الصالحة لِأَنْ تُعَمَّمَ وتُعَوْلَـمَ فتُصبِحَ قيماً للعالَم، فتَرِكَةُ الرجل الأبيض مثلاً، هي دعوى كرَّسَها تفوُّقُه فيما يملك من قيم الحضارة المادية، ومسؤوليتُه في تعليمهاللأمم الأخرى، وهذه التَّرِكَةُ تدَّعِيها الآن أمريكا وهي تتحدث عن القيم الأمريكية، ويدعيها الاتحاد الأوروبي الذي جاء في نظامه أنه حارس للقيم الأوروبية، وتدعيها كل دولة من دول الاتحاد، فنجد حديثاً عن القيم الفرنسية والقيم الألمانية، وهكذا. والأمر لا يقتصر على الغرب، فاليابانيون يفتخرون بقيم يابانية، والصينيون يفتخرون بقيم صينية، والأمم المتحدة أصبحت تتحدث عن “قيم عالمية” أدمجتها في مشروعها للحوار بين الحضارات، و”مشروع القيم العالمية” لدى الأمم المتحدة في الأساس هو مشروع راهب كاثوليكي سويسري هو هانس كونج الذي أسسه في مطلع التسعينيات لبيان ما تجتمع عليه الأديان.
لقد جاءت هذه المقالة في سياق التساؤل عمَّا إذا كان هناك حاجةٌ إلى التعديل في رؤية كاتب هذه السطور لرؤيته التي سطرها في كتابه عن “منظومة القيم العليا”، الذي كُتب في الأساس توضيحاً لفهم الكاتب لرؤية الشيخ طه العلواني لهذه المنظومة، وأهديت الطبعة الأولى من الكتاب إليه يرحمه الله. كما جاءت هذه المقالة في سياق التساؤل عمَّا إذا كان من الممكن الاجتهاد في تقديم منظومة أخرى للقيم غير هذه المنظومة، ليكون الجواب ليس لتوضيح قيمة هذه المنظومة وحسب، وإنما التأكيد على إمكانية الاجتهاد في تقديم منظومات مختلفة، يمكنها أن تؤدي الغرض نفسه أو غرضاً قريباً منه. وعلى هذا الأساس جاء عنوان المقالة.
وعلى الله قصد السبيل.

فتحي حسن ملكاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً